مراجعة كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري

مراجعة كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري

  • - مُقدّمة:
  • - قال ابن خلدون في المقدّمة: "كان مشايخنا يقولون: شرحُ صحيح البُخاري دَيْنٌ على هذه الأُمّة"، وقد قام بشرح هذا الكتاب عددٌ من أهل العلم.
  • - وأشهر من قام بشرح صحيح البُخاري هو الحافظ عبد الرحمن بن رجب الدّمشقي الحنبلي الشَّهير بابن رجب، وذلك في كتابه المسمَّى "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، وهو أفضل الكتب التي أُلفت في شرح صحيح البخاري على الإطلاق، ولكن لم يُكتب لهذا الشرح أن يكتمل، حيث وصل فيه الحافظ ابن رجب إلى كتاب الجنائز ثمَّ تُوفي رحمه الله تعالى.
  • - فقام الحافظ ابن حجر العسقلاني الشَّافعي بشرح صحيح البُخاري من بعده، وقام بتسمية كتابه كما هو اسم كتاب الحافظ ابن رجب.
  • - وهو أهم الكتب التي قام ابن حجر العسقلاني بتأليفها حيث أخذ في جمعه، وتأليفه وإملائه وتنقيحه أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث بدأ في تأليفه أوائل سنة 817هـ، وكان عمره أربعة وأربعين سنة، وانتهى منه في غرة رجب من سنة 842هـ.
  • - لمحة عن مؤلف شرح صحيح البخاري:
  • - الاسم: أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني الكناني، شهاب الدين، أبو الفضل، من أئمة العلم والتاريخ.
  • - المنشأ: من عسقلان بفلسطين، ولد بالقاهرة سنة (773هـ).
  • - ولع بالأدب والشعر فكان فصيح اللسان، راوياً للشّعر، عارفًا بأيام المتقدّمين وأخبار المتأخرين.
  • - ثمَّ أقبل على طلب الحديث، ورحل إلى اليمن والحجاز وغيرهما لسماع الشّيوخ، واشتُهر فقصده النَّاس للأخذ عنه وأصبح حافظ الإسلام في عصره
  • - قال السخاوي: "انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك وكتبها الأكابر".
  • - ولي قضاء مصر مرات ثم اعتزل.
  • - توفي سنة (852هـ).
  • - منهج الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري شرح صحيح البُخاري:
  • - جمع في كتابه شروح من قبله على صحيح البخاري، باسطاً فيه إيضاح الصَّحيح وبيان مشكلاته، وحكاية مسائل الإجماع، وبسط الخلاف في الفقه والتَّصحيح والتَّضعيف واللغة والقراءات، مع العناية الواضحة بضبط الصَّحيح.
  • - وقام الحافظ ابن حجر العسقلاني بذكر المنهج الذي اتَّبعه في التأليف في بداية الكتاب، ويمكن تلخيص ذلك بـ:
  • 1- ذكر الباب وحديثه في بداية كل باب، مع ذكر مناسبة الحديث للباب إن كان مبهمًا.
  • 2- استخراج فوائد المتون والإسناد من الحديث، من كشفٍ لبعض الغموض، ومن تتمات وزيادات، وكذلك تصريح التَّدليس، ومتابعة من سمع عن شيخٍ اختلط، مستخدمًا في ذلك أمَّهات المسانيد، والجوامع والمستخرجات والأجزاء والفوائد.
  • 3- كان يقوم بوصل المنقطع من الأحاديث المعلقة والموقوفة.
  • 4- وضَّح كل ما قد يُسبب إشكالًا، سواءً من الأسماء، أو الأوصاف، أو اللفظ الغريب، أو غير ذلك.
  • 5- جمع فيه الراجح من الفوائد التي ذكرها الأئمة من قبله حول نفس الحديث، بما فيها من مواعظ وأحكام وآداب، مُوضّحًا ومُزيلًا للتَّعارض ومُقتصرًا.
  • 6- كان يختتم كل كتابٍ من كتب "صحيح البُخاري" بخاتمة يذكر فيها عدد أحاديث ذلك الكتاب، المرفوعة والموقوفة والمعلقة والمكررة وما وافقه مسلم على تخريجها وما لم يوافقه.
  • 7- ختم كتابه فتح الباري بذكر عدد أحاديث صحيح البخاري بالمكرر موصولًا ومعلقًا، وكذلك غير المكرر منها، وعدد الأحاديث التي وافقه فيها مسلم في صحيحه على تخريجها وغير ذلك من الأحاديث.
  • - أهمية ومزايا كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري:
  • - له أهمية كبيرة في علم الحديث، وقد مدحه من العلماء السابقون والمعاصرون، ولعل َّأهم مزاياه:
  • - قام بشرح أهم كُتب الحديث في الإسلام "صحيح البخاري"، ويعد أهم شرحٍ له، فرغم أنَّ هنالك علماء قاموا بذلك قبل الحافظ ابن حجر، وبعده أيضًا، إلا أنَّه لم يحصل أي من شروحهم على مكانة كتاب الحافظ ابن حجر فتح الباري شرح صحيح البخاري.
  • - اعتمد فيه على أتقن الرّوايات الواردة في صحيح البُخاري، وقد نبَّه على اختلاف ألفاظ الرّوايات وعلى الأخطاء التي وردت في النُسخ التي كتبت على صحيح البُخاري، من تصحيف وتحريف وسقطٍ وغيرها.
  • - قام بجمع طرق كل حديث، مع إيراد ما يتعلق به من شواهد وروايات، مع قيامه بترجيح معنىً ما في حديثٍ ما، أو إعرابٍ ما فيه.
  • - ذكر ابن حجر في كتابه أنَّ أولى ما يُشرح الحديث بالحديث، فقال: (وأنَّ المُتعين على من يتكلم على الأحاديث أن يجمع طرقها، ثم يجمع ألفاظ المتون إن صحت الطُّرق، ويشرحها على أنَّه حديث واحد، فإنَّ الحديث أولى ما فُسّر بالحديث).
  • - تصحيح أوهام من قبله ممن شرحوا صحيح البخاري، أو استخرجوا عليه، أو جمعوا بين الصحيحين، أو ألفوا كُتبًا في رجال البُخاري أو ترجمه أو تتبع حديثه وغير ذلك مما يتعلق بصحيح البُخاري.
  • - أضاف فيه بحوث هامّة في مسائل وموضوعات متنوعة، كان من الصَّعب وجودها في كتابٍ آخر.
  • - استعان في شرحه بمختلف العلوم، من فقهٍ ولغةٍ ومختلف أنواع علوم الحديث.
  • - كثرة المصادر التي اعتمد عليها، فورد في كتابه أسماء كثيرة لعلماء وكتب لم تعد موجودةً الآن.
  • - أمضى ابن حجر في تأليف الكتاب 25 سنةً، ومع ذلك فترى المنهج في كتابة وتأليف أبواب الكتاب واحدًا متناسقًا، لم يختلف بين بداية الكتاب ونهايته.
  • - أقوال بعض العلماء في مكانة كتاب فتح الباري شرح صحيح البُخاري:
  • - قال شمس الدّين السَّخاوي-رحمه الله-: (ولو لم يكن له إلا شرح البُخاري لكان كافيًا في علو مقداره، ولو وقف عليه ابن خلدون القائل بأن شرح البخاري إلى الآن دين على هذه الأمة، لقرت عينُه بالوفاء والاستيفاء).
  • - قال الشوكاني-رحمه الله-لما طُلب منه أن يشرح البخاري: "لا هجرة بعد الفتح"، يريد بذلك (فتح الباري).
  • - قال فيه جلال الدين السيوطي: (وصنَّف التصانيف التي عمَّ النفع بها، كشرح البخاري الذي لم يُصنف أحدٌ في الأولين ولا في الآخرين مثله).
  • - وقال فيه أبو ذر بن البرهان الحلبي: (وشَرَحَ البخاري شرحًا عظيمًا، لم يُشْرح البُخاري مثله، وتلقَّاه النَّاس بالقبول، وسارعوا إلى كتابته وقراءته عليه، وطلبه ملوك الآفاق في بلادهم).
  • - قال فيه أبو الفضل بن الشحنة القاضي الحنفي: (وألّف في فنون الحديث كُتبًا عجيبة، أعظمها شرح البخاري، وعندي أنه لم يشرح البُخاري أحدٌ مثله، فإنَّه أتى فيه بالعجائب والغرائب، أوضحه غاية الإيضاح، وأجابَ عن غالب الاعتراضات، ووجَّه كثيرًا مما عجز غيره عن توجيهه).
  • كتب أخرى في شرح صحيح البخاري:
  • - فتح الباري لابن رجب: وهو من أهم الكتب التي شرحت صحيح البخاري، وهو أولى ما يبدأ به طالب العلم
  • - الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري: شرح متوسط ليس بالطَّويل ولا بالقصير يشرح المفردات ويوجه الإعراب.
  • - عمدة القاري: لمؤلفه العينيّ رحمه الله، شرحٌ مانع جامع ونافع.
  • - إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: لمؤلفه الشيخ شهاب الدين القسطلاني، وقد اعتمد فيه على شرح السند والمتن، وكذلك شرح المفردات وبيان ما يستنبط من الحديث
  • - التوضيح لشرح الجامع الصحيح: لمؤلفه ابن الملقّن الشافعيّ، ويُعد آيةً في الشَّرح وأعجوبةً في الطَّرح.
  • - التوشيح شرح الجامع الصحيح: لمؤلفه الإمام السّيوطي رحمه الله، ويعتمد السّيوطي في مذهبه على ضبط ألفاظ الحديث وتفسير الغريب.
  • - مصابيح الجامع الصحيح: لمؤلفه محمَّد بن أبي بكر الدماميني.
  • - الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري: لمؤلفه أحمد بن إسماعيل عثمان الكرواني المتوفى سنة 857هـ
  • - أعلام الحديث شرح صحيح البخاري: لمؤلفه لحمد بن محمد الخطابي، صاحب التصانيف، وهو محدث وأديب وفقيه.
  • - شرح صحيح البخاري للنووي: لمؤلفه الإمام أبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي المتوفى سنة 676هـ، وقد وافته المنية قبل إتمام الكتاب.
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.