شرح وتخريج حديث المؤمن القوي

شرح وتخريج حديث المؤمن القوي

  • أولا : نص حديث المؤمن القوي. 

  • -  قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ ، وفي كلٍ خيرٌ احرصْ على ما ينفعُك واستعنْ باللهِ ولا تعجِزنَّ ، وإن أصابَك شيءٌ فلا تقلْ : لو أني فعلتُ لكانَ كذا وكذا ، ولكن قلْ قدَّرَ اللهُ وما شاءَ فعلَ فإن لو تفتحُ عملَ الشيطانِ). 
  • ثانيا : تخريج حديث المؤمن القوي.

  • - الحديث صحيح ، فقد رواه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله 4/ 2052 (2664).
  • - رواه ابن تيمية، في مجموع الفتاوى، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 8/73، صحيح.
  • ثالثا : شرح الحديث الشريف.

  • - شرح الشيخ عبدالعزيز الراجحي في كتابه " شرح سنن ابن ماجه ". 
  • - يقول الشيخ عبد العزيز : المؤمن القوي هو الذي يتعدى نفعه إلى الآخرين بشفاعته، أو ببدنه، أو بماله، أو بتوجيهه وإرشاده، وأما المؤمن الضعيف فهو الذي يقتصر نفعه على نفسه؛ ولهذا قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير)، وإن اشتركا في الخيرية بالإيمان إلا أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
  • وليس المراد من قوله: (القوي) قوي الجسم فقط، فقد يكون قوي الجسم وهو مؤمن ضعيف لا ينفع إلا نفسه، وقد يكون على فراشه وهو مؤمن قوي ينفع الناس بشفاعاته، وبنفقاته، وبتوجيهه وإرشاده، وبتعليمه.
  • ثم قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) أي: على الأسباب التي تنفعك في أمور الدين وأمور الدنيا، قوله: (ولا تعجز)، أي: لا تكسل، ثم قال: (وإن أصابك شيء؛ فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله)، أي: هذا قدر الله، (وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)، قوله: لو يعني: هي التي فيها الاعتراض على القدر، والتحسر من وقوعه، كأن يقول الإنسان حين تنزل به مصيبة: لو فعل كذا ما أصابه كذا وكذا، أو لو أصاب كذا ما أصابه المرض، لو ذهب إلى كذا ما أصابه كذا، فهذا اعتراض على قدر الله، ولو في قوله هذا تفتح عمل الشيطان.
  • أما لو في تمني الخير فلا بأس بقولها، إذ هي ليست من هذا الباب، كأن يقال لشخص: إن هناك درس في المسجد الفلاني، وما علم بإقامته، فقال: لو علمت بالدرس لحضرت، فهذا لا بأس به، وذلك مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولأحللت معه)، فلو في تمني الخير شيء لا بأس به، لكن إذا كان قولها من أجل الاعتراض على القدر، فهذه هي الممنوعة، وهي التي تفتح عمل الشيطان" 
  • - شرح الإمام  النووي – رحمه الله - :  
  • يقول الإمام النووي: " والمراد بالقوة هنا : عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة ، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداماً على العدو في الجهاد ، وأسرع خروجاً إليه وذهاباً في طلبه ، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في كل ذلك ، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى ، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات وأنشط طلباً لها ومحافظة عليها ، ونحو ذلك " انتهى من " شرح مسلم " ( 16 / 215 ) . 
  • - شرح الشيخ ابن باز رحمه الله : 
  • يقول الشيخ ابن باز :" المؤمن القوي الذي يقوى على الأمر والنهي ويجاهد في سبيل الله أفضل من المؤمن الضعيف وفي كل خير وفي كل منهما خير، في سبيل المؤمنين، لكن القوي الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، المجاهد في سبيل الله، المعلم الداعي إلى الله أفضل من سواه من المؤمنين دون ذلك " 
  • شرح كتاب التوحيد ( 57باب ما جاء في "لو")
  • - شرح الشيخ محمد بن عبد الهادي السندي – رحمه الله – :
  • يقول الشيخ محمد السندي": ” قوله ( المؤمن القوي ) أي : على أعمال البر ومشاق الطاعة ، والصبور على تحمل ما يصيبه من البلاء ، والمتيقظ في الأمور ، المهتدي إلى التدبير والمصلحة بالنظر إلى الأسباب واستعمال الفكر في العاقبة ” انتهى من ” حاشية السندي على ابن ماجه “.
  • - شرح الشيخ محمد السقاف : 
  • يقول الشيخ السقاف : " في هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ المؤمنَ القويَّ، أي: القادرَ عَلى تَكثيرِ الطَّاعةِ خَيرٌ وأَحبُّ إِلى اللهِ عزَّ وجلَّ منَ المُؤمنِ الضَّعيفِ، أيِ: العاجزِ عنهُ، وَفي كُلٍّ خيرٌ، أي: أَصلُ الخَيرِ مَوجودٌ في كُلٍّ مِنهُما.
  • والقُوَّةُ المحمودةُ تَحتمِل وُجوهًا عديدةً؛ فمنها القُوَّة في الطَّاعةِ لشِدَّة البَدنِ وصلابتِه، فيكون أكثرَ عملًا، وأطولَ قيامًا، وأكثر صيامًا وجهادًا وحجًّا. ومِنها القوَّة في عَزيمة النَّفسِ؛ فيكون أقدمَ على العَدوِّ فى الجِهاد وأشدَّ عزيمةً فى تغييرِ المنكَر والصَّبر على إيذاءِ العدوِّ واحتمالِ المكروهِ والمشاقِّ في ذات الله. ومنها القوَّةُ بالمالِ والغِنَى؛ فيكون أكثرَ نفقةً في الخير وأقلَّ ميلًا إلى طلب الدُّنيا، والحِرص على جمْعِ شيءٍ فيها. وغير ذلك مِن وجوهِ القُوَّة.
  • ويَأمُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالحِرْصِ عَلى ما يَنفَعُ، أي: مِن أُمورِ الدِّينِ، ويَأمُر بالاستعانَةِ باللهِ، أي: عَلى الأَفعالِ والأعمال الصالحةِ؛ فإنَّه لا حولَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ، وينهى عن العجزِ، أي: عنِ الحِرصِ والِاستعانَةِ؛ فإنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالى قادرٌ عَلى أن يُعطيَنا قُوَّةً عَلى طاعتِهِ إِذا استَقمْنا عَلى استِعانتِه. وقيلَ: مَعناه النهي عن العَجْزِ عنِ العَملِ بما أَمَرَنا، وَعن تَرْكِه مُقتصِرًا عَلى الاستعانَةِ بِه؛ فإنَّ كَمالَ الإيمانِ أنْ يَجمعَ بَينَهما. ويَأمُر مَن أَصابَه شيءٌ، أي: مِن أمرِ الدِّينِ أو الدُّنيا؛ ألَّا يقُولَ: لو أَنِّي فَعلْت، أي: كَذا وكَذا، كان، أي: لصارَ كَذا وكَذا؛ فإنَّ هَذا القولَ غيرُ سَديدٍ، ولكنْ يَقولُ: قَدَّرَ اللهُ، أي: وَقَعَ ذلكَ بمُقتَضى قَضائِه وعَلى وِفقِ قَدَرِه؛ وَما شاءَ، أيِ: اللهُ، فَعَلَه؛ فإنَّه فعَّالٌ لما يُريدُ وَلا رادَّ لقَضائِه وَلا مُعقِّبَ لحُكمِه، فإنَّ "لو" أي: كَلمةُ الشَّرطِ تَفتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ مِن مُنازعَةِ القَدَرِ والتَّأسُّفِ عَلى ما فاتَ.
  • فإنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالى قادرٌ عَلى أن يُعطيَنا قُوَّةً عَلى طاعتِهِ إِذا استَقمْنا عَلى استِعانتِه.
  • رابعا : الدروس المستفادة من حديث المؤمن القوي.

  • - أن يسلم المؤمن أمره لله ويرضى بقدره.
  • - العمل و الأمر من الإنسان والاستعانة بالله. 
  • - يحثنا الحديث على أهمية قوة المؤمن ( القوة الجسدية و الإيمانية ) 
  • - الحرص على الاستعانة بالله والتوكل عليه و دعم الاستسلام و العجز. 
  • - تعميق الإيمان بالله بأن مايحصل معك بتقدير من الله . 
  • - عدم لوم النفس وعتابها وعدم فتح باب " لو " للندم والحسرة حتى لا يكون للشيطان سبيل عليك .
  • - أنَّ المؤمنينَ يَتفاوتونَ في الخَيريَّةِ، ومحبَّةِ اللهِ والقيامِ بدينِه، وأَنَّهم في ذلكَ دَرجاتٌ
  • - أنَّ الإيمانَ يَشتملُ على العَقائدَ القَلبيَّةَ والأَقوالَ والأَفعالَ ولكل درجات .
  • https://al-maktaba.org/book/21590/1307
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.