هل نحن حقاً شعب لايقرأ ؟!

هل نحن حقاً شعب لايقرأ ؟!

  • لماذا عزف الناس عن قراءة الكتب الجادة ، ذات المضمون الفكري والأدبي الرائع ، إلى قراءة المجلات الخفيفة والمسلية ؟ 
  • وهي الحافلة بالصور المغرية ، والتعليقات الخاطفة ، بدلاً من الجمل الرصينة ، والأسلوب الأدبي الرفيع الذي كان الكتاب قبل نصف قرن يتبارون في تجويده وصقله ، ويتنافسون على تنقيته وتقويمه ...
  • * نتاج الكتاب الإبداعي :


  • تأتي أعمال الكتاب في النتيجة غاية في الروعة ، رواية في الإبداع ، فلقد كان شبابنا يبحثون بلهفة عارمة عن كتب الزيات ، والمنفلوطي ، والرافعي ، وطه حسين والعقاد ، والمازني ، وسلامة موسی ، وأحمد أمين ، ومارون عبود ، وميخائيل نعيمة . 
  • كنا نقرأها بنهم يرتوی ، وجوع لا يشبع ، نتلذذ بعباراتها المتينة ، ولغتها المصقولة ، وجملها المرصوفة ، يستهوينا بيانها المشرق وفكرها العميق . 
  • * في عصر الحداثة :


  • أما اليوم فقد طغت على الكتابة النثرية موجة الحداثة ، فاجتاحتها کما اجتاحت الشعر من قبل ، وصرنا كثيراً ما نقرأ جمل مفككة ركيكة مهلهلة النسج ، تفتقر في جملة ما تفتقر إلى المنطق الصحيح ، والتركيب اللغوي السليم ، ولذلك غمضت ، واستحال فهمها ، وبدت 
  • مضطربة قلقة ، لأن أصحابها يقلدون تقليداً أعمى ، وغيرهم ممن ظنوا أنهم يطورون الكتابة العربية ..
  • كأسلوب سعيد عقل ، وأنسي الحاج ، وشوقي أبو شق ، ويحدثونها بهذه الأساليب الملتوية العرجاء ..
  • * هل البديل الصحف والمجلات ؟


  • إن قراءة الصحف والمجلات لا يمكن أن تغني بحال الأحوال عن قراءة الكتب الأدبية ، لأن بعض الكتاب الكبار يحجمون عن الكتابة فيها ، ويؤثرون التعبير عن أفكارهم وخواطرهم في كتب مطبوعة مستقلة ، يمكن حفظها ووضعها في رفوف ، والرجوع إليها في كل وقت ، ولا تستهويهم المجلات بكل أناقتها وألوانها وصورها الجذابة . 
  • والمجلة أيضاً لا يمكن أن تنافس الكتاب ، أو تحل محله في المكتبة الخاصة ، فالقارىء الأصيل يظل يفضل الكتاب ، لأنه نبع فیاض ، ومائدة فنية لأفكار الكاتب ، يمكن أن نختار منها ما لذ وطاب ، ونعيش معها في شبه نزهة ممتعة لا أجمل ولا أحلى ... 
  • ولذلك نتسابق إلى شرائه واقتنائه وتجليده وحفظه ، والحرص عليه كقطعة فنية نفيسة ، لا نضن بها ولا نعيرها إلا لأخلص الأصدقاء ، وأقرب المقربين .
  • * محنة التكوين الثقافي :


  • ونتساءل بعد هذا : لماذا لا نقرأ ؟ 
  • هل نحن شعب لا يقرأ فعلاً ؟
  • هل تزداد نسبة الأمية ، والأمية الثقافية بنوع خاص ، سنة بعد سنة كما أكد الأستاذ عيسى في كتابه :
  • « على طريق محو الأمية في سورية » ؟ 
  • هل للأحداث والصراعات المؤلمة التي تشهدها المنطقة العربية كلها هذه الأيام علاقة بذلك ، فتجعلنا نلصق آذاننا بأجهزة الراديو ، ونسمر أعيننا بشاشات التلفزيون فقط ؟
  • * المشكلة موجودة ..لكن أين ؟


  • إن مشكلة العزوف عن القراءة ترتد إلى تكويننا الثقافي منذ الطفولة ، فأكثر أطفالنا لا يتعاملون في بيوتهم مع الكتاب أو المجلة أو الجريدة ، وقليلون هم الآباء الذين يصطحبون أطفالهم أو أولادهم إلى المكتبات ليختاروا هم الكتب الجميلة والمفيدة ؟ 
  • أو يهدوهم في المناسبات ، کالأعياد أو أثناء التفوق والنجاح الباهر ، بل كثيراً ما يفضل الطفل دراجة أو لعبة أو أرجوحة على الكتاب ...
  • * دور المعلم :


  • حينما يختار الطفل لعبة عند نجاحه ، لأن معلمه لم يخلق بينه وبين الكتاب ألفة ومودة ، ولم يغره به ويبين له محاسن القراءة وأثرها في حد تکوین فكره ، وبناء شخصيته ، وإغناء ثقافته ، فهنا يبرز دور المعلم ..
  • فإذا اعتاد الطفل على القراءة في سن مبكرة ، ظلت هذه العادة ترافقه حتى الشيخوخة ، وصارت جزءًا لا يتجزأ منه ، واستحالت أخيراً إلى هواية نافعة ممتعة ، تأسره وترافقه في كل وقت ، قبل النوم ، وبعد الطعام ، وعند اليقظة في الصباح ، فلكل دقيقة من العمر ثمن ، ينبغي أن لا نفرط بها أو نضيعها سدى . 
  • * ثمرة القراءة :


  • ليست القراءة ترفآ ، بل هي عمل شاق ، وجهد مكثف لا يقل عن الجهد الذي يبذله الإنسان في الكتابة ، لذلك لا يجوز أن نقرأ للتسلية وقتل الوقت ، وملء الفراغ ، بل يجب أن نقرأ بمنتهى الجدية والاهتمام ، ونعرف كيف نختار الكتاب الشائق المفيد الذي يغني الفكر وثريه ، وتترك قراءته أثراً عميقاً في النفس ، لا يجب أن تمحص وندقق ونغربل ما قرأناه ، ونطرح على أنفسنا بعض الأسئلة .. 
  • * أسئلة علينا إيجاد إجابات لها :


  • ما الفائدة التي جنيناها من قراءة هذا الكتاب أو ذاك الذي أنفقنا الساعات الطويلة ؟ 
  • هل استطاعت قراءته أن تضيف شيئاً جديداً إلى ثروتنا الفكرية أو الأدبية أو اللفظية ؟ 
  • هل استطاع هذا الكتاب أن يوسع آفاقنا ، و يفتح أعيننا على عوالم جديدة أو مجهولة ؟ 
  • هل استطاع أن يحرك أعماقنا ، ويوقظ فيها الشعور بالغبطة والارتياح ، ويهذب طباعنا ، و يعدل من تهورنا ، و يكبح من جماح تطرفنا ، ويرشدنا إلى الحق والخير والجمال ؟ 
  • * أهمية القراءة :


  • من هنا تنبع أهمية القراءة الواعية الهادفة ، فإذا لم تستطع أن ترقي بنا وتسمو ، فلا فائدة من الساعات العديدة التي أمضيناها فيها ، وكانت فعلاً إضاعة الوقت وهدر للجهد ، ومن هنا أيضاً تنبع مسؤولية سيادة الكاتب الأصيل الذي يجب أن يدرك مدى خطورة ما يخطه قلمه ، وأن الكلمة التي يكتبها لا تبقى له ، بل على للجماهير تقدسها وترفعها شعارآ لها ، أو تدوسها وتلعن كاتبها ، لأنها كانت هدامة وغير مسؤولة ..
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.