هل المثقف العربي في أزمة ؟

هل المثقف العربي في أزمة ؟

  • هل الأزمة ناتجة عن واقع ذاتي يمر به المثقف العربي ؟ أم واقع موضوعي في صلب المجتمع ، نتيجة للمرحلة التاريخية التي تمر بها الأمة العربية ؟ 
  • تلك أسئلة خلت وتناقلها بعض مثقفينا في كتبهم ومقالاتهم ، ولكن ألا يحسن أن نحدد من هو المثقف کي يسهل السير ؟ 
  • * مفاهيم العرب الثلاث :


  • إن المتعلم ، المثقف ، المفكر ، هي ثلاثة مفاهیم نتناولها نحن العرب ، وكأن أحدها يقود إلى الآخر لدى الغالبية منا ، ولكن لكي نحدد الفاصل بين هذه المفاهيم التي قد تكون تجريدية أكثر منها واقعية ، نقول : 
  • " إن الثلاثة تتوفر لديهم معرفة متخصصة ، ولكن المثقف يوظف ما لديه من معرفة متخصصة في خدمة مجتمعه فقط عند الربط بينها وبين جوانب الحياة الأخرى بحثاً عن حلول لمشكلات المجتمع ، أما المفكر فإن ذاك الربط يكون عنده أكثر تجريدآ ويشكل مشروعاً فكرياً شبه متكامل ، لذلك فإن المثقف هنا هو في منزلة بين المنزلتين ، فهو - رجلا كان أو امرأة - مهتم بمشكلات المجتمع ويتفاعل معها ، وغالبا ما يكون تفاعله في شكل قيادي ، إلا أنه نادراً ما يكون الفاصل بين المتعلم والمثقف والمفكر في مجتمعنا العربي فاصلاً واضحاً محدد المعالم ، وكثيراً ما تأخذ الأغلبية المفاهيم الثلاثة على أنها مفهوم واحد . 
  • * السؤال الأساسي في الصميم :


  • نعود إلى السؤال المركزي من جديد ، هل أدى المثقف العربي دوره في المجتمع العربي ؟ 
  • أو بشكل أكثر دقة ، هل حدد مناطق الخطر ومواضع الضعف ، وأشار بالحلول لتفادي تلك المناطق الخطرة وتعويض ذلك الضعف الذي يعرض الأمة إلى الاضمحلال والفناء ؟ ..
  • * الجواب المقنع :


  • نجد من يقول إن المثقف العربي قد قام بدوره كما ينبغي ، ولكن الخلل يكمن في :
  • _ عدم وجود قنوات فاعلة قادرة على تحويل الآراء والمقترحات لهذا المثقف أو ذاك إلى فعل ، ونجد بعد ذلك من يقول إن المثقف العربي لم يقم بدوره ، فقد خذل الأمة وتخلى طوعاً أو كرهآ عن مهمته في اقتراح الحلول والمخارج للإشكالات التي تواجه الأمة وتعبئة المواطنين خلفها . 
  • * وضع القضية :


  • تبقى القضية في دائرة مفرغة ، أو تدور حول نفسها دون مخرج . 
  • إن ذلك تبسيط لواقع معقد ، ونظرة سوداء أو بيضاء تفرز الأمور لتسهيلها دون تعاط دقيق لعناصر الأزمة ، وهي أعمق وأكثر تشابكآ من الإجابة عليها بنعم أو لا .. نكون أو لا نكون . 
  • * القدرة الممكنة والقدرة المستغلة :


  • أي منا يريد أن يرجع إلى أية قضية اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك ، فسيجد أن مثقفآ أو مجموعة من المثقفين العرب قد وصفوها ، وقد يكون هذا التوصيف بدقة وإحکام منقطع النظير . 
  • وبين ما نشر وكتب المثقفون العرب يوجد عشرات الأمثلة ..
  • وفي المحاضرة التاسعة للموسم الثقافي الثاني ( 1956 م ) ..
  • كان قد أعدها وألقاها الدكتور أمجد الطرابلسي ، وهو واحد من بين مئات المثقفين العرب المنتشرين على أرض العروبة ، وكانت المحاضرة بعنوان :
  • ( تأملات وذكريات في حرم المسجد الجامع في قرطبة ) .. 
  • إذ بعد أن طاف المحاضر متنقلاً على أجنحة الزمن في ربوع الأندلس بين اشبيلية وغرناطة ، ينتهي إلى مسجد قرطبة ..
  • * وصف مسجد قرطبة :


  • يصف الدكتور أمجد طرابلسي لمستمعيه سحر ما رأى ، وينتهي بأربعة أسطر في نهاية محاضرته تلك ، وهي بيت القصيد في الإستشهاد ، يقول : 
  • ( أيها السيدات والسادة ، لقد حادثتكم عن المسجد الجامع في قرطبة كما رأيته ، وقد مضى على خروج العرب من الأندلس أكثر من خمسمائة عام ، فادعوا الله معي ألا يرينا في حياتنا وألا يرى أبناءنا وأحفادنا من بعدنا يوما يأتي فيه رجل مثلي ، فيحدثهم بقلب موجع عن المسجد الأقصی کما حدثتكم اليوم عن مسجد قرطبة ) .
  • * نبأ سقوط المسجد الأقصى بيد المعتدين :


  • لم تكد تمضى سنوات عشر ، وفي حياة المحاضر ، وفي حياة معظم من سمعه ذاك المساء ، حتى جاءت الأخبار بسقوط المسجد الأقصی .. 
  • ولا تزال الأخبار تأتي عن المسجد الأقصی تباعاً . 
  • هذا مثال واحد من بين عشرات الأمثلة في الإقتصاد والإجتماع والسياسة ، وعاها المثقف العربي وكتب عنها ، وذهبت صرخته في واد ليس به بشر ، وجاء الصدی فارغاً . 
  • * وفي الختام:


  • إن قدرة الفهم والتحليل وقرع جرس الإنذار مبكراً ، موجودة لدى المثقف العربي - أو فلنقل على وجه الدقة لدى بعضهم - فالقدرة ممكنة ، ولكن المحقق منها محدود ..
  • وهنا يبرز سؤال آخر ...
  • إذن أين الحلقة المفقودة ؟ 
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.