 
                                            - 
	* مقدمة :
- 
	
 على الرغم من اتساع خريطة الإحتفالات بعام الطفل في العالم العربي وتعدد مجالاتها ، وتنوع مظاهرها ، إلا أن الساحة افتقدت اهتمام دولنا العربية
- ( بأدب الأطفال ) ..
- 
	* لانتجاهل أو نعقل :
- 
	
 وليس في ذلك تجاهل أو غفلة عن المعارض التي أقيمت لكتب الأطفال في البلاد العربية ، لكن الإهتمام بأدب الأطفال شيء ، وإقامة المعارض شيء آخر ..
- 
	* كتب الأطفال :
- 
	
 إن الكتب التي تقدم للأطفال في هذه المعارض نادر وقليل ، منها ما کتب متوخي الأسس العلمية السليمة التي تحددت لهذا الفن الأدبي ، بعد أن استقل بنفسه ، وأصبح شكلآ أشكال التعبير الأدبي ، له قواعده ومناهجه ، سواء منها ما اتصل بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل ومع الحصيلة الأسلوبية للسن التي يكتب لها ، أو اتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل ألم الطفولة ، أو اتصل بقضايا الذوق وطرائق التكنيك في صوغ القصة ، أو بفن الحكاية للقصة المسموعة .
- أما الكثرة الوافرة مما يقرؤه أطفالنا من الكتب بعد شرائها من تلك المعارض ، فقد كتبت كيفما اتفق : ترجمة أو نقلآ أو تعريبآ من قصص أجنبية ، وتلخيصآ أو تبسيطآ للتاريخ والتراث وقصص الكبار ..
- ولم يقصد أكثر کتابها إلا الدخول في المجال التجاري للكتب .
- ومعروف أن كتب الأطفال تدر أكبر الربح للمؤلفين والناشرين على السواء ..
- 
	* قبل وقوع الضرر :
- 
	
 الذي يدعو للأسف والدهشة أن التجاهل والإغفال وعدم الإهتمام جاء كذلك من هيئاتنا العلمية العربية التي يدخل في اختصاصها هذا الفن الأدبي الجديد في بلادنا .
- فلم تتكلف واحدة منها مشقة البحث عن مدى صلاحية المادة التي تقدم لأطفالنا العرب في هذه المعارض ، أو محاولة الإجابة عن التساؤلات الكثيرة التي تفرضها أصول هذا الفن وقواعده ...
- 
	* تساؤلات كثيرة :
- 
	
 _ هل يكفي أن يلقي الكاتبون بما يكتبون إلى عالم الأطفال ليقرأه كل من يستطيع القراءة منهم ، وكأن تعلم القراءة رخصة تجيز لكل طفل أن يقرأ قصص الأطفال جميعاً بقطع النظر عن سنه الزمني والإدراکي ؟ _ كم من هؤلاء الكاتبين سأل نفسه قبل أن يكتب القصة من سيقرؤها من الأطفال ؟
- _ وما مستواه اللغوي والأسلوبي ؟
- _ وهل تمكنه قدرته اللغوية من أن يفهم ويستمتع بلغة القصة وأسلوبها ؟
- _ هل سيختار الكاتب اللغة السهلة البسيطة المناسبة لبساطة الأفكار التي يرغب في توصيلها إلى جمهوره إن كان الأطفال الصغار ، أو الأسلوب الموافق البساطة العقول التي تتلقى هذا الأسلوب ؟
- _ هل یکتب القصة لتقرأ أم لتحكى ؟
- _ هل يعبر بالعربية الفصحى في كلتا الحالتين دون مراعاة لنوعية الجنس الأدبي ، أو اكتراث بالسن التي تقدم لها القصة ؟
- 
	* محنة الأطفال العرب :
- 
	
 إن عدم الاهتمام « بأدب الأطفال » أو الغفلة عنه في بلادنا العربية ، حتى في العام الدولي للطفل ، ليس مصادفة أو حادث وقتي ، بل نتيجة طبيعية لعدم اهتمام لغتنا العربية في تاريخها الطويل بهذا النوع من الأدب ، وطفلنا العربي بعامة ، في مسيرته مع التاريخ ، قد أصابت علاقته بالفن الأدبیدي سوء الطالع ، فظل محروم من الأدب الرفيع المؤلف له خاصة قروناً طويلة .
- والذين يهتمون بالدراسات الأدبية يدركون أن « أدب الكبار » قد استأثر بنتاجنا التراثي کله ، وبجهود المدونين على درب المسيرة الطويلة من تاريخ الأدب العربي ، ولم يلتفت أحد إلى « أدب الأطفال » لا تأليفآ ولا تدوينآ ..
- 
	* نظرة المجتمع العربي :
- 
	
 إن مجتمعنا العربي كان ينظر إلى الطفل على أنه رجل صغير ، ولم يهتم بمطالبه إلا بالقدر الذي يؤهلة لكي يكون قادراً على تحمل مسئوليته تجاه ذلك المجتمع ، ومن ثم كان العرب يبعثون بأبنائهم إلى الصحراء في اليوم الثامن من مولدهم مع مرضعات من البدو ، ثم لا يعودون بهم إلى الحضر حتى يبلغوا الثامنة أو العاشرة ، وذلك لينهلوا في هذه السنوات الأولى من طفولتهم روح الحرية من الصحراء ، وليجدوا في هوائها وخشونة العيش فيها ما يسرع بهم إلى النمو الخشن ، ويهبهم الغلظة ، ويؤهلهم ليكونوا فرسان حرب وأجناد قتال ، يحملون السلاح ويحمون الذمار ، وأقسى من ذلك كله ، تلك المحنة الكبرى التي مر بها الأطفال العرب في الجاهلية ، محنة الوأد خشية الإملاق أو خوفاً من العار .
- 
	* موسوعات التراث القصصي :
- 
	
 ما وصل إلينا من موسوعات التراث القصصي العربي ، حين نتأملها ، نجدها قد ترجمت أو حكيت أو كتبت ابتداء للكبار ، فكتاب « كليلة ودمنة » مثلاً برموزه السياسية والطائفية والشعوبية ، وعشرات المصنفات التي ألفت على شاكلته كانت كلها للكبار ، وسيد مصنفات التسلية « ألف ليلة وليلة » ، وكثير من المجموعات التي كتبت على نمطه وحكاياته عن الجن والأساطير والمغامرات وأسفار البحار ، وما فيه من الفابولات والنوادر التي أمتعت العالم وأسعدته، وما أضافة إليه كل عصر من روحه ، وما أسهم فيه كل قطر عربي من صبغته ، وما اشترك فيه كل شعب من تراثه الشعبي وخياله ، قصد به امتاع الرجل سيد المجتمع ، فقصصه يفترض أن قد حكتها « شهرزاد » وهي رمز المرأة والمجتمع ، على مدار الليالي الطويلة المديدة « لشهريار » رمز الرجل والمسئولية ، ومن ثم فقد استثمرت الموهبة القصصية كلها لمؤانسة الرجال ، وتجمع الخيال الخلاق برمتة التسلية الكبار ، ولم تلتفت الأم « شهرزاد » وهي تمثل تلك الموهبة القصصية وذلك الخيال الخلاق إلى أطفالها ، فتقص عليهم شيئاً يناسبهم من روائع موهبتها ، ذلك أن اهتمامها كله وهو يمثل اهتمام المجتمع العربي الرجل الرجل ، فاستأثر به وحده ولم يشاركه أحد فيه حتی أطفاله من شهرزاد .
- 
	* أثر اللغة العربية :
- 
	
 لغتنا العربية ظلت إلى عهد قريب لغة المثقفين من أبنائها ، ولم تكن لغة المبتدئين في مراحل التعليم ، فكان من العسير على الطفل أن يقرأ للمتعة أو للإستفادة دون مساعدة الكبار ...
- ولم يدخل أطفالنا عالم الأدب المكتوب لهم إلا في العشرينات من هذا القرن بعد أن بدأت قطرات من ندى « أدب الأطفال » تقطر في عالمهم على يد الشاعر ( أحمد شوقي ن والكاتبين :
- ( محمد الهراوي وکامل کیلاني ) وقد دخلوا ذلك المجال الأدبي أول أمرهم بعد تردد وإحجام ..
- فالتأليف للأطفال - في ذلك الوقت - يعد تضحية كبيرة في أكثر البلاد ، لأنه في الأغلب لا يصل بالمؤلفين إلى مايسمونه بالمجد الأدبي ، ويكاد الناس يجمعون مخطئين على أنه لا يهتم بالتأليف للصغار سوى الذين لا يجدون ما يلقونه للكبار .
- 
	- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
 لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
 ودمتم بكل خير.
