مثال على البدايات التاريخية للعمل العربي المشترك

مثال على البدايات التاريخية للعمل العربي المشترك

  • * مقدمة عامة :


  • إن جذور العمل العربي المشترك ، على مستوييه الشعبي والحكومي ، لا تضرب إلى ماض بعيد ، ولا تتجاوز بداياتها الأولى نصف قرن أو أقل ، فحتى نشوب الحرب العالمية الثانية لم تكن هناك عشائر علمية أو تكنولوجية تذكر إلا في قطرين أو ثلاثة في المشرق العربي . وحتى على الصعيد السياسي كانت الأقطار العربية كلها تقريبا تعاني وطأة الإستعمار بصورة أو بأخرى ، ولا شك أن إعلان قيام جامعة الدول العربية ، وتصاعد حركات التحرير ، وحصول الأقطار العربية تباعاً على نوع ما من الاستقلال السياسي ، كل هذه العوامل قد أكدت مفهوم الوحدة العربية ، ووطدت دعائمه في وعي شعوب المنطقة ، في الوقت الذي نمت فيه العشائر العلمية التكنولوجية ، واكتسبت قياداتها مكانة معترفاً بها في كثير من الأقطار العربية من خلال مشاركتها المرموقة في حركات التحریر ، ثم في إدارة شئؤون البلاد . 
  • * بدء عمل الإتحادات العلمية التقنية العربية :


  • المشاهد أن العشائر العلمية التقنية العربية، كانت سباقة للتواصل والتعاون ، ولقد شهد الوطن العربي في الخمسينيات والستينيات نشأة العديد من الإتحادات العلمية التقنية العربية ، واتساع دائرة نشاطها ، وإن اقتصر هذا النشاط لعدة سنوات على المشرق العربي وحده ، فلقد كان المغرب العربي ما زال يخوض في تلك الآونة معاركه الضارية مع الإستعمار الفرنسي ، والتي كان آخرها انتصار حركة التحرير الجزائرية التاريخي ...
  • وسوف يذكر التاريخ الحفنة من الرواد الأول من العلماء والتكنولوجيين العرب عزمهم ودأبهم في هذا المجال ، وسيزداد التقدير لإنجازاتهم إذا ما تذكرنا أنها قد تحققت دون أية معونة تذكر من الحكومات العربية ، بل إنها قد تعرضت للمقاومة الصريحة والخفية في عدة مناسبات .
  • * الإستعانة بأفراد علميين في العمل :


  • شهدت فترة ما بعد الحرب حركة الإستعانة بالأفراد العلميين من الأقطار التي هيأت لها ظروفها التاريخية قاعدة سكانية عريضة، ونظاماً تعليمياً أكثر تطوراً في مجال بناء قدراتها الذاتية في مجالات العمل العلمي التقني ، وذلك في الأقطار الأخرى الأخذة بسبيل تنمية مجتمعاتها وكوادرها المتخصصة ، وبالذات في مجالات التعليم العالي ، وتطوير المرافق العامة ، والبنى الأساسية والخدمات الإجتماعية ( كالتعليم والصحة ) ، ثم في الصناعة والزراعة ، ولم يكن الحافز المادي سبباً رئيسيا في بداية هذه الحركة ... 
  • ولعلنا لا نكون مخطئين إذا ما رأينا فيه مظاهر نزعة مستمرة بين العشائر العلمية التقنية العربية للتواصل والتعاون وتبادل الخبرات ..
  • ولقد تعاظم دفق هذا الرافد مع تسارع جهود التنمية في شبه الجزيرة العربية والخليج بالذات في السنوات الأخيرة ، وغدا واضحاً أن توفر ظروف أفضل للعمل ، وحوافز مادية غير متاحة في دول المنبع ، والمضايقات السياسية التي تعرضت لها بعض الفئات في أوطانها قد غدت اليوم العوامل المسيطرة على هذه الحركة التي تشغل الآن بال دول المنبع والمصب على حد سواء ، وإن اختلفت أسباب هذا الإهتمام ودوافعه . 
  • * دور الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية :


  • عقدت الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية تسعة مؤتمرات علمية عربية ، عالج كل واحد منها موضوعاً شغل أذهان العشائر العلمية العربية وقتئذ ، فسرعان ما أصبحت هذه المؤتمرات حدثاً هاماً تتطلع إليه هذه العشائر وتحرص على الإسهام في إعداده وعلى المشاركة المؤثرة فيه ، إذ وجدت فيه منبراً يعبر من فوقه قادة هذه العشائر عن تصوراتهم بشأن مشاكل العمل القطري والقومي ...
  • ولا شك أن الأعداد الجيدة لهذه المؤتمرات ، والذي كانت الإدارة الثقافية تحرص على أن يشترك فيه أفراد من كل الأقطار العربية ، وجو الحرية في النقاش والمداولات ، كانت أسباباً رئيسية في نجاح هذه المؤتمرات ، وكانت البحوث التي تقدم لهذه المؤتمرات ، والتوصيات التي تخرج عنها تصدر تعلیمیآ فيما بعد في مجلدات ، تظل التنظيمات العلمية التقنية تتداولها وترجع إليها وتجد فيها زادآ قيمآ في ترشيد عملها .
  • * دور الجامعة العربية في العمل العربي :


  • إن للجامعة العربية دور رائد في هذا المستوى ، وكانت قد نشأت في الأمانة العامة للجامعة ، بعد أن تجاوزت الأعوام الأولى من حياتها ، إدارات متخصصة قامت إلى جانب الجهاز السياسي فيها ، ويعنينا منها هنا الإدارة الثقافية التي كانت أقرب ما تكون إلى مجال العلوم والتقنية وإدارة البترول التي كان قيامها داخل الأمانة العامة انعكاساً طبيعياً لأهمية النفط في اقتصادیات عدد غير قليل من الدول العربية ، وقد شغلت ببعض القضايا العلمية التقنية في مجال تخصصها ، وقرب نهاية الستينيات أنشىء مكتب للعلوم والتقنية ألحق بمكتب الأمين العام ، وانتقل إليه القدر الأكبر من اهتمامات الإدارة الثقافية في هذا المجال ، وإن ظلت العلاقة بينها داخل الأمانة العامة غير واضحة المعالم .
  • * إنشاء المنظمات العربية المتخصصة :


  • بدأت حركة إنشاء المنظمات العربية المتخصصة على نسق مماثل لما كان يجري في الأمم المتحدة ، ففي عام 1969م أنشئ مركز التنمية الصناعية للدول العربية ( إيدكاس ) كجهاز متخصص في هذا المجال داخل الأمانة العامة ، وجاء هذا بعد عامين تقريباً من تحويل مكتب التنمية الصناعية في أمانة الأمم المتحدة إلى منظمة متخصصة..
  • ويلاحظ أن المركز العربي ، وإن تشابه تنظيمه الداخلي مع التنظيم الداخلي للمنظمة الدولية ، قد اختلف تنظيم مجلسه الرئاسي عن التنظيم الدولي ، إذ اكتفى بمجلس إدارة يضم عضواً ممثلاً عن كل دولة مشاركة ، وسمت كل دولة مندوباً من مواطنيها العاملين في هذا المجال ليكون نقطة الاتصال بين المركز وبين دولته ...
  • واستطاع مرکز التنمية الصناعية بفضل القيادة المحنكة والجسورة لمديرة العام الأول ، والذي قضى نحبه بعد أقل من عامين من نشأة المركز وهو منكب على عمله فيه ، أن يفرض نفسه كجهاز فعال ومفيد في التنمية الصناعية ...
  • ولقد اضطلع المركز خلال أشهر معدودات من نشأته المتواضعة في غرفتين في مبنى الأمانة العامة ، بمشروعات طموحة للمسح الصناعي والتدريب المتخصص ، ورفع الانتاجية ، والكفاءة الإدارية ، في عدد غير قليل من الدول الأعضاء في المشرق والمغرب على سواء ..
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.