مثال على أسباب ظهور نظام تعليم ( ديني ومدني ) في مصر

مثال على أسباب ظهور نظام تعليم ( ديني ومدني ) في مصر

  • استجاب محمد على باشا حاکم مصر بجماع قلبه وروحه ، لتأثير الغرب ، وهو الذي لم يكن يرى في الإسلام طائلاً يغنيه ، وقد غلب عليه الشعور بالحاجة إلى جيش قوي يحقق له مطامحه العريضة ، وسخر كل مافي دولته من أنظمة وإمكانيات ، لإشباع هذه الحاجة ...
  • وإذ رأى أنه لابد لمثل هذا الجيش القوي من ضباط يأخذ تعليمهم وتدريبهم بالنمط الغربي ، فقد اتجه إلى وضع نظام هذا التعليم شديد الإختلاف عن التعليم الإسلامي التقليدي . 
  • ولم يكن رجال الدين بطبيعة الحال من سيشملهم ذلك النظام الذي يغفلهم إغفالاً تاماً ، ولا يلتفت أدنی التفات إلى رعاية طبقتهم .
  • * ولادة النظام التعليمي الجديد :


  • نشأ في مصر لأول مرة ، نظامان للتعليم متباينان كل التباين ، وشرعت حياتها الفكرية تسير في دربين منفصلين تماماً ، فأما النظام التقليدي القديم فكان يبدأ بالكتاب في القرية ، وينتهي بالأزهر في القاهرة ، أو ما يماثله من معاهد دينية في غير مصر من بلاد الإسلام . وأما النظام الجديد فله مدارسه الإبتدائية فالثانوية والجامعات ، وقد أنشئت كلها ووضعت مناهجها على غرار معاهد العلم الأوروبية ، وأغفل فيها الدين وعلومه ، عدا بعض الحصص القليلة التي أقحمت إقحاماً على مناهج مختلفة عنها في روحها ، وأدرك الكافة هذا الریاء فلم يعن بها أحد ..
  • * النية وراء إحداث نظام تعليمي جديد :


  • إن افترضنا حسن النية في القائمين على شؤون هذا النمط من التعليم ، قلنا إنهم حقيقة لم يكن لديهم أدنى فكرة عن كيفية التوفيق بين التعليم الإسلامي والمناهج الدنيوية الخالصة في ذلك النوع من المدارس ... 
  • وإن افترضنا سوء النية ، ونسبنا الخطب إلى المستعمرين الأجانب من أعاروا طبيعة التعليم عندنا قسطاً وافراً من اهتمامهم ، قلنا إنه كان يهم هؤلاء في المقام الأول أن يهدموا الإسلام في قلوب النشئ ، ويخرجوا جيلاً بعد جيل ممن قد فرغوا تفریغاً من كل ما يصلهم بماضيهم ودينهم وتقاليدهم . 
  • على أي حال فقد كان هذا هو بالضبط ما حدث ، فإذا بخريجي هذه المدارس والجامعات وقد فقدوا كل اهتمام حقیقی عمیق بالدين ، فإن أقبلوا عليه كان إقبالهم راجعاً في المقام الأول : 
  • _ إما إلى أسباب شخصية ، أو إلى بيئة عائلية يغلب التدين عليها ، لا إلى طبيعة تعليمهم . 
  • وهم دائماً وعلى أي الأحوال فاقدوا الرغبة الآخرين حولهم ، بل وفاقدوا القدرة على هذا الإقناع ، حتى إن أنسوا الرغبة في أنفسهم . 
  • وقد زاد الطين بلة ذلك الضعف المتفاقم في لغتهم العربية التي أهملتها المدارس إهمالاً ليس بالوسع اغتفاره ، فانقطعت الصلة أو كادت بينهم وبين تراث دیني وحضاري صاروا يسمون ما أنتجه من مؤلفات بالكتب الصفراء ...
  • * زيادة رقعة الهوة بين التعليم الديني والمدني :


  • وهكذا نشأت بالعالم الإسلامي اعتباراً من أوائل القرن التاسع عشر تلك الهوة الرهيبة بين التعليم الديني والتعليم المدني ، و بالتالي بين رجال الدين وسواد الناس والحقيقة التي لا ريب فيها عندنا أنه بازدیاد تمیز طبقة رجال الدين عن غيرها من الطبقات ، تزايد وضوح الدليل على تفاقم الخطب في أمة الإسلام ، تلك الأمة التي شهد ماضيها من أعظم الفقهاء من كانت مهنته البقالة أو البزازة أو تجارة الحنطة أو ما شابهها من مهن ، ولم يهجر صناعته ما عاش ..
  • * تقليص نفوذ رجال الدين وتهميشهم :


  • فمن ناحية ، نجد السواد ممن درس في المدارس المدنية قد زهدوا أو كادوا ، بسبب جهلهم المستفحل بالدين ، في بضاعة الفقيه واستهانوا به ، وهي استهانة يعكسها قصرهم الآن إطلاق لفظ ( الفقي)» على مدرس الكتاب أو المقريء في المساجد والمآتم ، وما ينطوي عليه استخدامهم لهذا اللفظ تحقير . 
  • ومن ناحية أخرى فإن الكثيرين من حكام العالم الإسلامي ، بدءاً بذلك الضابط العثماني محمد علي ، ممن شاء أن يسير في ركاب المدنية الغربية دون قيد يعرقل مسيرته ، قلبوا لعلماء الدين ظهر المجن ، ولجأوا إلى كل وسيلة متاحة للسلطة من أجل تقليم أظفارهم ، وتقليص نفوذهم ، وضرب بعضهم ببعض ، وتشويه سمعتهم لدى العامة حتى تسير في ركاب السلطة دون حرج أو تشكك تجاه الهدف الذي أريد لها أن تبتلى به .
  • * هدم هيبة المشايخ بيد محمد علي باشا :


  • وقد لجأ محمد علي من أجل هدم هيبة المشايخ إلى مذبحة معنوية دونها مذبحة المماليك ، بأن دبر حوادث أو استغل حوادث لفقت عقبها التهم لشيوخ الأزهر والمجاورين به ، تارة بتزييف العملة حتى كان كل من اشترى شيئاً ودفع الثمن للبائع قروشآ قيل له : لربما تكون قروشآ أزهرية !!!
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.