- 
	مقدمة :
- 
	
 كان الرجل من أهل العلم يزداد بعلمه بغضاً للدنيا وتركاً لها ...
- واليوم يزداد الرجل بعلمه حباً للدنيا ولها طلباً ..
- وكان الرجل ينفق ماله على علمه...
- واليوم يكسب الرجل بعلمه مالاً..
- وكان يرى على صاحب العلم زيادة في باطنه وظاهره ..
- واليوم يری على كثير من أهل العلم فساد الباطن والظاهر ..
- 
	* إجلال وتقدير رجال الدين في الماضي :
- 
	
 يورد لنا الخطيب البغدادي في( تاریخ بغداد ) ، وتاج الدين السبكي في ( طبقات الشافعية الكبرى ) ، أمثلة لا تحصى لما كان علماء الذين يتمتعون به في العصر الوسيط من إجلال وتوقير ، فيقول الأخير : إنه لما دخل أحدهم خراسان ، خرج أهلها بنسائهم وأولادهم يمسحون أردانه ، ويأخذون تراب نعليه ويستشفون به وكان أصحاب البضائع يخرجون بضائعهم من حلوى وفاكهة وثياب وفراء وغير ذلك ، فينشرونها على رؤوس الناس ، وخرج إليه صوفيات البلد بمسابحهن وألقينها عليه ، وكان قصدهن أن يلمسها فتحصل لهن البركة .
- 
	* وصف جنازة أحمد بن حنبل :
- 
	
 يصف ابن الجوزی جنازة أحمد بن حنبل ، فيقول :
- إنه اجتمع لها نحو من ألف ألف من البشر ، ما بلغنا أن جمعاً كان في الجاهلية والإسلام مثله ، وقد حزرنا على السور نحواً من ستين ألف امرأة ، ولزم بعض الناس القبر و باتوا عنده ، وما من أهل بيت لم يدخل عليهم الحزن إلا بيت سوء ، وقد أسلم يوم مات عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس ..
- 
	* رأي أهل مصر في لبس العمامة :
- 
	
 إن عامة الناس في مصر ( في المدن ) يجلون العمامة ظاهراً ولا يجلونها باطناً ، ويتغلغل في نفوسهم مبدأ مقرر وهو :
- " أن صاحب الطربوش محترم ، إلا إذا ظهر عكس ذلك ، وصاحب العمامة يحتقر إلا إذا ظهر عكس ذلك " .
- 
	* المساواة في الإسلام :
- 
	
 ولم يعرف الإسلام في صدره نظام رجال الدين ، ولا كانت في دولته وقتها طبقة منهم متميزة عن غيرها . فالأمور الدينية والدنيوية واحدة لا تمایز بینها ، والكلمة لله في كل وظائف الجماعة وتنظيراتها على حد سواء . إن كان للصلاة قداستها فللقضاء والحرب قداستها .
- وإن كانت المساجد قصد للصلاة فهي أيضاً مكان الإجتماعات العامة ، بل وميدان التدريب العسكري ، وكانت الجماعة في الجيش ، إمامها في الصلاة قائدها في الحرب .
- 
	* تجنيد الدين للمعارضة في زمن الأمويين :
- 
	
 غير أنه حدث حين ظهرت المعارضة السياسية للخلافة الأموية ، أن جندت تلك المعارضة الدين في محاربتها للأمويين .
- وقد استشهد أفرادها بآية " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون المنكر " ..
- فذهبوا إلى أن من واجب المسلم أن يأمر بالمعروف وأن ينهي عن المنكر بلسانه ويده ، وأنه لا يسوغ له الإكتفاء بالإمتثال لإرادة الله ، وإنما عليه أن يعمل على أن تكون إرادة الله هي العليا في المجتمع ، فلا محل إذاً للسكوت على الأوضاع الفاسدة في الدولة ، لأن الدين يلزم الفرد بالتدخل في الحياة العامة ، وما السياسة في حقيقة الأمر إلا میدان للنشاط الديني ومن جهة ثانية ، كان بإمكان الأمويين هم أيضاً أن يستخدموا الدين في مساندة النظام القائم ، بتنبيه الناس إلى ما يجب عليهم من طاعة أولي الأمر منهم ، ومن المحافظة على وحدة كلمة الجماعة .
- 
	*ظهور فئة مستقيمة على كتاب الله :
- 
	
 ظهر اتجاه بين بعض الأنقياء یری الخير في الإبتعاد عن ميدان السياسة وآفاتها باعتبار أنها فتنة ، ولا يثق في المزاعم الدينية لأشياع الأمويين أو أعدائهم ، وقد انصرف الكثيرون من هؤلاء إلى القرآن يتفهمون معانيه ، ويفسرون آياته ، ويستنبطون منه الأحكام ، وإلى الحديث يتلمسونه حيث كان ، ويتحرون الفاظ النبي بدقة ، وإلى الأحداث التي كانت في عهد الرسول والخلفاء من بعده يجمعون أخبارها ويذونونها .
- فإن اشتهر أحدهم بين الناس بوفرة علمه فقد يجلس في المسجد وحوله الراغبون في الأخذ عنه في هيئة حلقة يتدارسون التفسير والسنة والفقه والتاريخ .
- 
	* وقوف معظم رجال الدين لجانب المعارضة :
- 
	
 ومع ذلك فقد كان معظم رجال الدين في جانب المعارضة السياسية للخلافة الأموية ، لا يقرون صورة الحكم التي كانت عليها الجماعة الإسلامية في زمنهم ، ولا يرون الأمويين أهلا لقيادة الأمة ...
- ففي رأيهم أن بني أمية كانوا في حياة النبي أخطر أعدائه ، وما اعتنق جلهم الإسلام إلا بعد فتح مكة مكرهين ...
- وقد عرفوا بعد ذلك كيف يجنون لأنفسهم ثمرة انتشاره وفتوحاته وقوته ، إذ استغلوا في البداية ضعف عثمان وقرابته في الإستحواذ على الخيرات ، ثم استغلوا مقتله في الوصول إلى الحكم ..
- فهم إذن مغتصبون للسلطان لا يستندون إلا إلى القوة ومالهم في الخلافة من حق شرعي .
- 
	* الكيفية التي تم بها دراسة علوم الدين :
- 
	
 بالرغم من أن العصر العباسي الأول لم يعرف المدارس هو أيضاً ، فقد كان ثمة كتاتيب التعليم الصبیان ، في حين استمرت المساجد مكانا لتحصیل علوم القرآن والحديث والفقه مع تنوع في حلقات الدروس فيها مسایر لتنوع العلوم في ذلك العصر ، ولم تكن هناك درجات علمية يحرزها من أتم دراسته بعد امتحان ، إنما كان الامتحان امتحان الرأي المحيط به من علماء ومتعلمين .
- فمن آنس من نفسه القدرة على أن يجلس مجلس المعلم ، جلس وتعرض الجدال العلماء ومناقشتهم ، وهو ما كان يكفي في حد ذاته لحماية طبقة العلماء من المتطفلين والجهلة ...
- ومع بمرور الوقت أضحى التعليم الديني في العصر العباسي أكثر تنظيماً ، وبات فيه من المناهج ما يسمح بالتخصص ، فإن درس الدارس هذه المناهج وبرز فيها أمكن اعتباره من الفقهاء ...
- وكان الفقهاء أكثر العلماء تلاميذاً ، لأن الفقه يؤهل أصحابه لتولي مناصب يتعيشون منها .
- 
	* فائدة قرب الخلفاء والأمراء من الفقهاء :
- 
	
 وقد كان في تقريب الخلفاء والأمراء للفقهاء بعض الفائدة ، إذ أبان للجمهور فضل العلم ، وشجع الكثيرين على دراسة الفقه ، ثم لما نجم عن هذا التقريب من تطلع الفقهاء إلى أن تصبح لهم اليد العليا في الدولة ، فباتوا يصرون على أن يلتزم السلطان بأحكام الشرع ، وهو ما كان يهمهم إذ هم الوحيدون المؤهلون لأن يحددوا في ثقة ماهية الشرع .
- 
	- وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
 لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
 ودمتم بكل خير.
