لمحة عن تاريخ ومستقبل الأوبك في العالم بين المقاومة والإنهيار

لمحة عن تاريخ ومستقبل الأوبك في العالم بين المقاومة والإنهيار

  • مقدمة :


  • كثيراً ما نسمع أن الأوبك هي مجرد احتكار للمنتجين ، ولكن عند المقارنة بین ما تمارسة الأوبك وبين ما كانت تمارسه شركات النفط العالمية ( الإحتكارية ) ، تظهر لنا علامتان فارقتان ، من حيث الأهداف والسياسات ، ومن حيث تحديد الأسعار ...
  • - العلامتان الفارقتان :


  • 1_ العلامة الفارقة الأولى من حيث الأهداف والسياسات :

  • نجد أن شركات النفط شكلت روابط وثيقة التماسك فيما بينها من جهة ، وبينها وبين حكوماتها من جهة أخرى ، وكان من الصعب اختراقها لفترة طويلة ، ولقد تعقبت فوهات المدافع وقطع الأساطيل مصالح هذه الشركات إلى أماكن كثيرة من العالم ، ومن كان يجرؤ على المساس هذه الشركات كان يلقى العقاب الصارم في التو والساعة ، كما كانت هذه الشركات تطبق سياسات الإنتاج والتسعير والتسويق بتجانس وتضامن ، وقد فرضت أسعارآ متدنية للنفط الخام لفترة طويلة ..
  • 2_ العلامة الثانية هي تحديد الأسعار :

  • إن تحديد الأسعار من قبل شركات النفط العالمية ، لم يكن في يوم من الأيام خاضعة لطرفي معادلة ( العرض والطلب ) ،كانت هذه الاسعار تحدد في إطار ( احتکار ) لصالح الشركات المنتجة ومصالح بلدانها ، ويذهب اليوم بعض المحللين المنصفين إلى القول : بأن أسعار النفط ازدادت تعرضآ لعمل قوى السوق ( العرض والطلب ) منذ سنة 1973م وما بعدها، عما كانت عليه تحت نظام احتكار الشركات ذات الإمتيازات السابقة ..
  • - أمثلة الإحتكارات :


  • هناك أمثلة عديدة تضرب للتدليل على بعد الأوبك عن الاحتكار ، منها اختلاف أعضاء الأوبك في مؤتمر الدوحة عام 1976م ، عندما كانت هناك وجهتا نظر للتسعير : 
  • _ واحدة تدعو إلى رفع السعر بمقدار 15 ٪ ..
  • _ الأخرى تدعو إلى تجميد الأسعار ..
  • وانتهى المؤتمر بإقرار سعرین النفط الأوبك لفترة محدودة . 
  • ويعتقد بعض المحللين أن مصدري النفط العربي كانوا أكثر من حذرين مع الإعتبارات الدولية ، والبعد عن صفة الإحتكار ، عندما اختار بعضهم زيادة إنتاجه من النفط في وقت يفيض فيه دخله على حاجته المالية ، إسهامآ في خلق فرص أفضل لإستقرار الإقتصاد العالمي ، وكان ذلك في معظم فترة السبعينيات عندما كان النفط ( رائجا للبائعين ) ..
  • - أصوات جديدة لتحديد أسعار النفط :


  • إن أصواتاً جديدة تعود اليوم في حلقات ما يسمى بخبراء النفط العالميين للقول بإطلاق ( قوى السوق ) ، لتحديد أسعار النفط ، وأن على الأقطار المنتجة أن تبيع النفط بعد أن تأخذ نسبة معقولة فوق تكاليف الإنتاج ! هذا القول على سذاجته يكتب ويقال في الندوات العالمية ، في وقت يتدنى فيه الطلب على نفط الأوبك بالذات ..
  • ويعتمد هؤلاء في حقيقة الأمر على المغالطة المنطقية بأن سعر النفط مثله مثل سعر أي سلعة أخرى يتحدد في المدى الطويل والقصير بتفاعل ( العرض والطلب ) ولكنهم يتناسون أن هناك عوامل وتأثيرات كثيرة تختفي وراء فكرة العرض والطلب و الأكاديمتين ...
  • - العوامل التي تختفي وراء فكرة العرض والطلب :


  • النفط ليس سلعة موحدة المواصفات ، فهناك أكثر من مائة نوع من الخامات النفطية على أقل تقدير تصدرها البلدان المنتجة للنفط ، كما أن تحديد سعر عادل للنفط لابد أن يأخذ في الحسبان بجانب نوعية النفط وتكاليف انتاجه عوامل أخرى ، منها :
  • أ- قرب المصدر المنتج من السوق أو بعده ..
  • ب- تكلفة إنتاج الطاقة البديلة ..
  • ج- التعويض عن التضخم المالي ..
  • د- تأمين احتياجات التنمية التي تحتاجها الدولة المصدرة ..
  • إلى غير ذلك من العوامل المعقدة نستطيع أن نعدد الكثير من الأقوال والأحاديث التي فجرتها الآلة الإعلامية الغربية ضد منتجي النفط وخصوصاً العرب ...
  • لكن الأهم من ذلك هو رصد الخطوات العملية التي اتخذتها ومازالت تتخذها تلك المصالح الغربية ضد الأوبك . 
  • - كلمة جيمي كارتر حول القضية :


  • لقد ذكر ( جيمي كارتر ) رئيس الولايات المتحدة السابق وعلى شاشات التلفزيون الأمريكي في منتصف عام 1977م ، وهو يقدم برنامجه لتقليص استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة ، هذه الكلمات :
  • " تهددنا كارثة قومية في المستقبل القريب ، أن أزمة الطاقة لم تقهرنا بعد ولكنها ستقهرنا حتماً ، إذا لم تتخذ التدابير على الفور " .
  • وكان قبل ذلك بسنوات قليلة جداً قد أعلن في الغرب عن إنشاء الوكالة الدولية للطاقة ، والتي كان من بعض مهماتها تنسيق الإستهلاك للطاقة النفطية ، وتحديد سقفها في الدول الصناعية ، والهدف هو الحد من الإعتماد على نفط والأوبك ،..
  • - طرح خطوات مضادة :


  • كان من ضمن الخطوات المضادة ، استخدام الطاقة البديلة للنفط ، أو ما سمي ببرامج الإحلال ( الفحم والطاقة النووية بدلاً من النفط ) ، وانهال التحريض على إنتاج النفط خارج الأوبك حتى لو كان بتكلفة نسبية عالية مثل نفط بحر الشمال ..
  • وبدأت أنشطة التراكم الاقتصادي تحول وتتجه نحو قطاعات يقل فيها استخدام الطاقة بشكل ملحوظ ، مثل : الخدمات ، وصناعة التقنيات المتقدمة ، وتقليص نصيب الصناعة الثقيلة في الناتج القومي الإجمالي في الدول المتقدمة ..
  • وبدأ المشترون للنفط يفضلون المنتج منه خارج الأوبك ، فبجانب افتقاد ميزة السعر النسبي تكمن عوامل ذات طبيعة سياسية ..
  • - ماذا بعد تصحيح الأسعار ؟


  • بعد عشر سنوات من تصحيح الأسعار نجد أن :
  • البرنامج المضاد قد أثر تأثيرآ كغبيرا في موقف الأوبك ، _ كان نصيب الأوبك في سنة 1974م من عرض النفط العالمي قد بلغ 66 % انخفض في عام 1984 إلى 44% فقط ، وكانت الضحية الأساسية هي النفط العربي ، فبينها تنتج الدول خارج الأوبك كمية تعادل طاقتها الكاملة ، وأعضاء الأوبك من غير العرب ينتجون نحو ( ثلثي ) طاقتهم ينتج العرب نحو ( ثلث ) طاقتهم فقط ..
  • ولقد اضطرت منظمة الأوبك لأول مرة في سنة 1983م لخفض الأسعار إلى جانب تخفيض مبرمج في الإنتاج ، فيين 1979م إلی 1980م انخفض إنتاج الأوبك من النفط بحوالي النصف .
  •  بالاضافة إلى ذلك فقد اضطرت الأوبك إلى اتباع برمجة الإنتاج عن طريق وضع حد أعلى للإنتاج الإجمالي ، ثم توزيعه في صورة حصص على الدول الأعضاء ..
  • - الحقائق المستنبطة :


  • يقودنا مجمل التحليل السابق إلى مجموعة من الحقائق أهمها : 
  • 1_ أن السياسات المضادة للأوبك قد نجحت في وضعها في موقف الدفاع ، وهنا يبرز عنصر التعاون والتنظيم الحديث الذي وصل إلى كل فرد من أفراد الشعوب المستخدمة للنفط في أوروبا الغربية واليابان والولايات المتحدة ..
  • 2_ مراقبة نجاح التعاون بين حكومات الأوبك ، وهو تعاون يحتاج إلى تضحيات من الجميع ، وليس من الأقطار العربية فقط ..
  • 3_ أن الهدف السياسي لتحطيم الأوبك واضح للعيان ، فقد كان ظهورها وقدرتها اللاحقة على انتزاع حقوق أعضائها يمثل حدثآ تاريخياً ، وعلامة بارزة في خبرة مصدري النفط من العالم الثالث وتجربتهم ..
  • - الحلول المطروحة :


  • لعل الحلول المطروحة للخروج من الأزمة تبشر بعض الأمل ، فالفكرة القائلة بإنشاء هيئة مراقبة لإلزام الأعضاء جميعاً بالحصص المقررة والسعر المتفق عليه ، تبدو مستعصية على التطبيق لأول وهلة ، إلا أن كثيراً من الأفكار التي تبدو مثالية في بداية الأمر يمكن تطبيقها ، كما أن هناك خطوات أخرى تقوم بها الأوبك لتوحيد جهودها منها :
  • _ استقطاب بعض منتجي النفط خارج الأوبك لأن تدهور الأسعار سوف يعرض مداخيلهم هم أيضاً إلى التدهور . 
  • هذه الخطوات على أهميتها ستبقى نتائجها محدودة ، ولن تستطيع الأوبك وحدها ومن طرف واحد ، الوصول إلى علاقة عقلانية بين المنتجين والمستهلكين ، وإذا أردنا أن نحقق حالة من الإتحاد المتبادل والصحي فإن ذلك يتطلب المشاركة والإهتمام من أطراف ثلاثة : ( أعضاء الأوبك ، والمنتجين خارج الأوبك ، والمستوردين للنفط ) على حد سواء ..
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.