مثال على المذكر والمؤنث مجازيآ في اللغة العربية

مثال على المذكر والمؤنث مجازيآ في اللغة العربية

  • إن الأسماء في بعض اللغات تنقسم جنسياً - ثلاثة أقسام : 
  • (مذكرآ ، ومؤنثآ ، ومحايدآ ) .
  •  فالمذكر مادل على ذكر ، والمؤنث مادل على أنثى ، والمحايد مالا يدل على ذكر ولا أنثى ، إذ أن بعض الموجودات ليس لها جنس ، لخلوها من علامات الذكورة والأنوثة ، ومنها الجمادات . 
  • وإن كانت هذه اللغات لأسبابها تستبقي بعض الأسماء المحايدة فتعامل بعضها معاملة المذكر ، وبعضها معاملة المؤنث . 
  • * في لغتنا العربية :


  • أما لغتنا فالأسماء فيها تنقسم قسمين : 
  • مذكرآ ، ومؤنثآ ، وليس فيها قسم ثالث ، وهي لاتغفل عن الإعتبارات التي ترعاها اللغات الأخرى ، ولهذا تعود فتقسم المذكر قسمين : 
  • 1_ مذكراً حقيقياً : يدل على مافيه علامة ذكورة ..
  • 2_ مذكر مجازي : وهو الخالي من علامات الذكورة . وكذلك تقسم المؤنث قسمين مؤنثاً حقيقياً ، ومؤنثاً مجازياً ..
  • * نظرة أسلافنا العرب :


  • ولاشك أن أسلافنا في نظرتهم « الإعتبارية » إلى هذه الموجودات الخالية من علامات الذكورة والأنوثة ، كانوا ينظرون إليها كغيرهم من الجماعات في بداية الحياة البشرية ، إذ كانوا جميعاً يشخصون كل الأشياء ومنها الجمادات ، فيعطونها صفات الأحياء ، بل كانوا يلقون عليها صفاتهم البشرية ..
  • و « التشخيص » ملكة بشرية عامة ، وعنها نشأت الأساطير ، كما نشأت عنها - حتى اليوم وغداً - كل العبارات المجازية في شتى لغات العالم ، ونحن اليوم نقول :
  • « الحر لفحني » و « الجدار صدمني » و « الكرسي أوقعني » كأن هذه الأشياء أحياء لما إرادة ، وليس الأطفال وحدهم هم الذين يسيرون على هذا النحو ، بل كل الكبار ، بل إن الفنون كلها قائمة على هذا الأساس التشخيصي أو المجازي أو الأسطوري ..
  • * التأنيث في اللغة العربية :


  • إذا رجعنا إلى الأسماء في هذا القسم الثالث ، وجدنا منها أسماء تحمل علامة من علامات التأنيث الثلاث ( التاء ، والألف المقصورة ، والألف الممدودة ) مثل : شجرة ، وصحراء ، ومن السهل تمييزها ، ولكننا نجد مئات الأسماء خالية من أي علامة تأنيث ، مثل :
  • ( نار ، وشمس ، ورأس ، وبطن ، وطريق ) ..
  • وبعضها يعتبر مذكراً ، وبعضها مؤنثاً ، وبعضها يجوز تذكيره وتأنیثه ، فكل من :
  • ( البطن والرأس والفم والباب ) - مثلاً - مذكر ، وكل من ( العين والأذن والقدم والنار ) - مثلاً - مؤنث ، وكل من ( السبيل والطريق ) مثلاً - يجوز تذكيره وتأنيثه . 
  • * تذكير وتأنيث أعضاء الإنسان :


  • لو نظرنا في أعضاء الإنسان مثلاً - وهي أقرب شيء إلينا ، واستعمالنا لأسمائها يتكرر في حياتنا اليومية ، ثم وحاولنا أن نميز المذكر فيها عن المؤنث - لوقعنا في حيرة ، وإن حاول بعض علمائنا ضبط مذكرها ومؤنثها ، فأشاروا إلى أن أسماء الأعضاء المفردة مذكرة غالباً ، وأسماء الأعضاء المزدوجة مؤنثة غالباً . 
  • ولو نظرنا إلى مئات ومئات غيرها من أسماء الجمادات ونحوها لوقعنا في حيرة أشد ، والناس يستعملونها غالباً استعمالآ اعتباطيآ ، فيقعون في كثير وكثير من الأخطاء ..
  • * الطريق لرفع الخطأ عن الناس بالتأنيث والتذكير :


  • هل من سبيل الرفع هذا الحرج ولو بشيء من التسامح ، لنرفع بعض هذا الحرج ، ونعفي الناس ، ولاسيما الناشئة ، من مطاردتهم بالتخطئة كلما خالفوا اعتبارات التذكير والتأنيث على النحو الذي تسير عليه لغتنا ، مع مراعاة أن البلاء بها عام ، وهل تجد ما يسوغ ذلك أولاً ثم يبرره أخيراً . 
  • فالاسم « شخص » مذكر ، ولكن عمر بن أبي ربيعة يقول : 
  • " فكأن مجنی دون من كنت أتقی 
  •                  ثلاث شخوص کأعبان ومعصر "
  • فهو هنا لم ينظر إلى لفظ الشخص والشخوص ، فيعتبره مذكراً ، بل نظر إلى المعنى ، وهو أن هؤلاء الشخوص من النساء . 
  • والاسم ( الصوت ) مذکر ، ولكن رويشد بن كثير الطائي يقول : 
  • " ياأيها الراكب المزجي مطيته 
  •                  سائل بنی أسد ماهذه الصوت ؟ "
  • فاعتبر الصوت مؤنثاً ، باعتبار أنه « صيحة » والبطن مذكر ، وبه يسمي العرب بعض الجماعات البشرية ، ولكن أحد شعرائنا يقول :
  • وإن كلاباً هذه عشر أبطن
  •                   وأنت بريء من قبائلها العشر
  •  فاعتبر ( البطن ) مؤنثاً باعتبار القبيلة و « العذر » مذكر مجاز ..
  • ولكن حاتم الطائي يقول في مطلع قصيدة له : 
  • " أماوي ، قد طال التجنب والهجر 
  •                      وقد عذرتني في طلابكم العذر "
  • فأنث « العذر » باعتباره « المعذرة »..
  • * قصة يسردها عمرو بن العلاء :


  • حكي عن عمرو بن العلاء أنه سمع بعض العرب يقول : 
  • " جاءته کتابي فاحتقرها " 
  • قال أبو عمرو ، فقلت : 
  • أتقول جاءته کتابي قال : نعم ، أليست هي صحيفة ؟ أليس في كل ذلك ، وعشرات أشباهه في لغتنا مايسوغ أن نجيز اعتبار مثل هذه الأسماء التي تخلو من علامات التأنيث - مذكرة أو مؤنثة ، مادام ممکن تأويلها على هذا النحو السهل . 
  • * ملخص القول :


  • إن هذه القاعدة التي نقترحها تحتاج إلى تأیید من المجامع اللغوية العربية ، وأمثال أعضائها من شيوخ اللغة ، إلى إصرار الكتاب والشعراء ، وهم مهندسو اللغة على السير وفق هذه القاعدة ..
  • والزمن هو الذي سفصل في هذه القضية .
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.