مثال على نصوص أدبية متميزة

مثال على نصوص أدبية متميزة


  • - أن يقف القارئ عند إبداعات الأديب في نصِّه وما يتجلَّى له فيها من جماليات تجعل القارئ المتذوق يتفاعل معها وينفعل بها ويتأثَّر مثلما انفعل بها الأديب من قبل وتأثَّر؛ وهذا الانفعال التأثر يجعلانه مشدوداً إلى ما في النص من سماتٍ فنيَّةٍ وجمالية ترقى بالأدب؛ وتسمو به ومن قيـمٍ موضوعيةٍ تسمو بالإنسان إلى مراتب التقدُّم والكمال.
  • - كما ركَّز العرب في مؤلفاتهم على أهميَّة فَهْم المقروء، فعندما سُئِل أبو تمام : لم تقول من الشعر ما لا يُفْهَم؟ فكان جوابه : لم لا تَفْهَم ما يُقَال؟.
  • - سنتطرق في هذا المقال إلى عدة نصوص أدبية متميزة تصلح للوقوف عندها كثيرا ؛ والتأمل في معانيها والغوص في خفاياها.
  • - النص الأول : آه لو صرت مديرا للرافعي.


  • - آه لو صرت مديرا! أتدرين ماذا أصنع؟
  • - ماذا تصنع يا أحمد؟
  • - أعمد إلى الأغنياء فأردهم بالقوة إلى الإنسانية، وأحملهم عليها حملا، أصلح فيهم صفاتها التي أفسدها الترف واللين والنعمة, ثم أصلح ما أخل به الفقر من صفات الانسانية بالفقراء، وأحملهم على ذلك حملا،  فيستوي هؤلاء وهؤلاء، ويتقاربون على أصل في الدم إن لم يلده آباؤهم ولده القانون.
  •  ألا إن سقوط أمتنا هذه لم يأت إلا من تعادي الصفات الأنسانية في أفرادها, فتقطع ما بينهم, فهم أعداء في وطنهم, وإن كان اسمهم أهل وطنهم.
  • ومتى أحكمت الصفات الإنسانية في الأمة كلها ودانى بعضا -صار قانون كل فرد كلمتين, لا كلمة واحدة كما هو الآن, القانون الآن (حقي) ونحن نريد أن يكون (حقي وواجبي) وما أهلك الفقراء بالأغنياء, ولا الأغنياء بالفقراء ولا المحكومين بالحكام- إلا قانون الكلمة الواحدة.”
  •      -  مصطفى صادق الرافعي, وحي القلم - الجزء الأول
  • - النص الثاني : نص من رواية غسان كنفاني عائد إلى حيفا.


  • - "حين وصل سعيدٌ إلى مشارف حيفا، قادمًا إليها بسيّارته عن طريق القدس، أحسّ أنّ شيئا ما ربط لسانه، فالتزم الصّمت، وشعر بالأسى يتسلّقه من الدّاخل، و للحظة واحدة راودته فكرة أن يرجع، ودون أن ينظر إليها كان يعرف أنّها آخذة بالبكاء الصّامت، وفجأة جاء صوت البحر، تمامًا كما كان. كلاّ، لم تعد إليه الذّاكرة شيئًا فشيئًا.
  • - بل انهالت في داخل رأسه، كما يتساقط جدار من الحجارة ويتراكم بعضه فوق بعض، لقد جاءت الأمور والأحداث فجأة، وأخذت تتساقط فوق بعضها وتملأ جسده، وقال لنفسه إن"صفيّة"زوجته، تحسّ الشّيء ذاته، وأنّها لذلك تبكي.
  • - منذ أن غادر رام الله في الصّباح لم يكفّ عن الكلام، ولا هي كفّت، كانت الحقول تتسرّب تحت نظره عبر زجاج سيّارته وكان الحرّ لا يطاق، فقد أحسّ بجبهته تلتهب، تمامًا كما الإسفلت يشتعل تحت عجلات سيّارته، وفوقه كانت الشّمس، شمس حزيران الرّهيب، تصبّ قارّ غضبها على الأرض، طوال الطّريق كان يتكلّم ويتكلّم ويتكلّم، تحدّث إلى زوجته عن كلّ شيء، عن الحرب وعن الهزيمة وعن بوّابة مندلبوم الّتي هدمتها الجرّارات. وعن العدوّ الّذي وصل إلى النّهر والقناة ومشارف دمشق خلال ساعات. وعن وقف إطلاق النّار والرّاديو ونهب الجنود للأشياء والأثاث، ومنع التّجوّل، وابن العمّ الّذي في الكويت يأكله القلق، والجار الّذي لم أغراضه وهرب، والجنود الثّلاثة الّذين قاتلوا وحدهم يومين على تلّة تقع قرب مستشفى أوغستا فكتوريا، والرّجال الّذين خلعوا بزّاتهم وقاتلوا في شوارع القدس، والفلاح الّذي أعدموه لحظة رأوه قرب أكبر فنادق رام الله. وتحدّثت زوجته عن أمور كثيرة أخرى، طوال الطّريق لم يكفّا عن الحديث. والآن، حين وصلا إلى مدخل حيفا، صمتا معا، واكتشفا في تلك اللّحظة أنّهما لم يتحدّثا حرفًا واحدًا عن الأمر الّذي جاءا من أجله!"
  • من رواية غسان كنفاني عائد إلى حيفا.
  • النص الثالث: من كتاب النظرات للمنفلوطي: 


  • - أحسن إلى الفقراء والبائسين وأعدك وعدًا صادقًا أنك ستمر في بعض لياليك على بعض الأحياء الخاملة، فتسمع من يحدث جاره من حيث لا يعلم بمكانك منه أنك أكرم مخلوق وأشرف إنسان، ثم يعقب الثناء عليك بالدعاء لك أن يجزيك الله خيرًا بما فعلت فيدعو صاحبه بدعائه، ويرجو برجائه، وهنالك تجد من سرور النفس وحبورها بهذا الذكر الجميل في هذه البيئة الخاملة ما يجده الصالحون إذا ذكروا في الملأ الأعلى.
  • - ليتك تبكي كلما وقع نظرك على محزون أو مفؤود فنبتسم سرورًا ببكائك، واغتباطًا بدموعك؛ لأن الدموع التي تنحدر على خديك في مثل هذا الموقف إنما هي سطور من نور تسجل لك في تلك الصحيفة البيضاء أنك إنسان.
  • - إن السماء تبكي بدموع الغمام، ويخفق قلبها بلمعان البرق وتصرخ بهدير الرعد، وإن الأرض تئن بحفيف الريح وتضج بأمواج البحر، وما بكاء السماء وأنين الأرض إلا رحمة بالإنسان، ونحن أبناء الطبيعة فلنجارها في بكائها وحنينها.
  • - إن اليد التي تصون الدموع أفضل من اليد التي تريق الدماء.
  • - والتي تشرح الصدور أشرف من التي تبقر البطون، فالمحسن أفضل من القائد، وأشرف من المجاهد، وكم بين من يحيي الميت ومن يميت الحي.
  • - إن الرحمة كلمة صغيرة، ولكن بين لفظها ومعناها من الفرق مثل ما بين الشمس في منظرها والشمس في حقيقتها.
  • - إذا وَجد الحكيم بين جوانح الإنسان ضالته من القلب الرحيم، وجد المجتمع ضالته من السعادة والهناء.
  • - لو تراحم الناس لما كان بينهم جائع ولا عار ولا مغبون ولا مهضوم، ولأقفرت الجفون من المدامع، واطمأنت الجنوب في المضاجع، ولمحت الرحمة الشقاء من المجتمع كما يمحو لسان الصبح مداد الظلام. 
  • - من كتاب النظرات للمنفلوطي - باب الرحمة - المجلد الأول ص (١٠٠-١٠١ ) 
  • https://www.hindawi.org/books/94061468/
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.