لمحة عن التراث بين حضارة غريبة وواقع مرفوض

لمحة عن التراث بين حضارة غريبة وواقع مرفوض

  • كتب كثيرون على صفحات العربي وغيرها عن مشكلة ضياع التراث العربي ، وقضية التغريب ، والخوف من الهلاك . 
  • وما قيل في هذا الصدد أننا غارقون في تقليد الغرب ، وإنجاح مخطط غربي لهدم التراث العربي ، وإذا نحن لم نتصد لهؤلاء المغربين هلكنا لا محالة . 
  • * أسئلة في الصميم تحتاج لإجابات :


  • ولا بد لنا من أن نرد بصراحة على عدة أسئلة جوهرية ربما نصل إلى إجابات مقبولة لمشكلة العربي المحصور بين حضارة غربية لا يستسيغها ، وحاضر عربي مريض يقض مضجعه . 
  • من هذه الأسئلة مثلاً : 
  • هل هناك فعلاً هجوم مخطط على تراث الأمة العربية بقصد تغريبها ؟ 
  • من المسئول عن هذا التغريب أو التخريب ؟ 
  • هل ننقل الحضارة أم ننقل الأخلاقيات والقيم وبعض القشور ؟ 
  • ثم : إلى أين المفر ؟ 
  • * الغرب يفتت العرب :


  • ليس هناك عربياً يعرف عروبته و ينکر أن هناك مخططآ للقضاء على الحضارة العربية والإسلامية ، خاصة لخلافات تاريخية ، وحاجات اقتصادية واستراتيجية وسياسية . 
  • فلا أحد ينسی مذابح محاكم التفتيش الإسبانية ولا الحروب الصليبية ، ولعل زيارة اللورد اللنبي لقبر صلاح الدين وقوله :
  • " لقد رجعنا یا صلاح الدین " كفاية عن سرد التاريخ ، وحاجة الغرب لتفتيت العرب واضحة ، وما تشجيع اسرائيل والخلافات القطرية والانقلابات والاغتيالات إلا جزءا منها . 
  • * هي الحرب فهل قاتلنا ؟ 


  • إن المسؤول الأول عن الهزيمة أو على الأقل التراجع هم : « المثقفون » ، من أول القيادات « ثورية كانت أو رجعية » إلى حملة الدرجات العلمية ، والكتاب والشعراء . 
  • إن بعض القيادات حركها مركب النقص إلى تقلید الغرب ، فإذا كان الغرب لا يلبس الجلباب - مثلاً - فيجب علينا خلعه ، وإذا كان الغرب قد فصل نظام الحكم عن كنيسة جاهلة في عصور الظلمات ، فلا بد لنا کما فعل کمال أتاتورك أن نحطم شعائر الإسلام ... 
  • ولم يقرأوا التاريخ ولم يعلموا أن الغرب يعاني اليوم من فراغ أخلاقي خطير ، نتيجة تحطيم القيم الدينية ..
  • * احصائيات غربية مخزية :


  • كان يكفي هؤلاء وهؤلاء الإطلاع على بعض الإحصائيات : 
  • 1_ معدل الانتحار في السويد . 
  • 2_ التسمم الكحولي في بولندا .
  • 3_ مليون ونصف طفل غير شرعي لفتيات غير متزوجات مقبول في أمریکا . 
  • إن رسالة دكتوراه سنة 1993 م ، تقول أن :
  • 56 % من المتزوجات في أمريكا يمارسن الجنس مع غير أزواجهن ، 60 ٪ من بنات الجامعات يعتبرن المعاشرة دون زواج ليست إثم ... 
  • وغير هذا كثير ..
  • * ليس بالدين وحده : 


  • إن القيادات الرجعية رأت في الدين الكتب الصفراء « ومن نسي قديمه تاه » دون تحلیل أو تجدید . 
  • تثاءب الناس ، قتلهم الملل ولكنهم مصرون ..
  • وحملة الدرجات العلمية تائهون بين مستعرب أعجمي الفكر ، وبين مستعرب يجهل عروبته وقليل ما هم ، يترجمون للناس ما حفظوه من الغرب الذي يحسبون أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، أو ينقلون إليهم أقاويل الكتب الصفراء . 
  • * الحضارة وأخلاقيات الشعوب :


  • هناك كثرة كثيرة من مثقفي عالمنا ، يخلطون بين الحضارة وبين أخلاقيات بعض الشعوب . 
  • فالخنافس مثلاً ليسوا مرحلة أو شکلاً حضارياً ، ولكنهم ظهروا کرد فعل معاكس لأخلاقيات المجتمع المحافظة والسياسة الحكومة في فيتنام ، وسوء توزيع الدخل والاحتكارات ، وانقياد الطبقة المتوسطة في خدمة رأس المال دون مبادىء . 
  • وتقليد العربي للخنفس الأمريكي دون فهم لفلسفته السياسية سفه تعلمه من وسائل إعلام جاهلة تنقل له الصورة دون المضمون ويقدمون لنا فتاتآ من کلام وطبخات فجة علينا أن تزدردها ونفهمها على أنها هناك حضارة الغرب . 
  • * العمل والنجاح هو أساس الحضارة :


  • والواقع أيضاً أن كل حضارة تمر بمراحل نمو من الطفولة إلى الشيخوخة ثم الموت ، وإذا كانت هناك حضارة كاليابان وأخرى يافعة مثل ألمانيا وثالثة شاخت مثل انجلترا ، فلا يجوز لنا أن نستخدم جزءًا غير مقبول من أخلاقيات هذه أو تلك ، ونسميه حضارة الغرب وتقول إن نقل حضارة الغرب هلاك .. 
  • إن مستوى الإنتاج الإقتصادي وطريقة توزيع هذا الإنتاج بين العمال وأصحاب الأرض وأصحاب رأس المال ، ثم النظام الإجتماعي الذي ينشأ عن كل ذلك ، ليس إلا وجهآ من وجوه الحضارة و التركيب الإقتصادي ، بهذا المعنى يؤثر تأثيراً واضحاً في أخلاقيات المجتمع ، اللهم إلا إذا شذبت هذه النوازع عن طريق الدين أو الترابط الأسري . 
  • * العناصر التي تصنع أخلاقيات الشعوب :


  • الدين ليس وحده الذي يصنع أخلاقيات الشعوب ،
  •  إنما هناك عناصر البيئة الأسرية خاصة ، والإجتماعية عامة ، ثم الضغوط الإقتصادية التي تؤثر في سلوك الأفراد ، ويكفي في هذا الصدد أن نقول :
  • " إن الرشوة والسرقة ظاهرتان اقتصادیتان وليستا استهتار بالدين ، أو ناموس الجماعة ، ولذلك أوقف عمر بن الخطاب حد السرقة أيام المجاعة " ..
  • * ماذا نريد ؟
  • نسأل أنفسنا ماذا نريد ؟ 
  • هل نريد أن نتقدم اقتصادياً واجتماعياً وروحياً بدون جهاد ؟ 
  • فريق ينقل لنا ويترجم ما ظنه حضارة الغرب ، وفريق يكلمنا بهمهات لا يدري أحد كنهها ، وفريق يرتل على أسماعنا ما فهمه رجال منذ ألف سنة ، ودسوه لنا في مخطوطات دون ما تخريج أو شرح أو تعديل ؟ 
  • * خلاصة القول :
  • هذه هي خلاصة « أزمة المثقفين » في بلادنا أو « مثقفي الأزمة » ، وستظل الأزمة قائمة ما دام هناك فريق يخاف « التغريب » ، وفريق يرهب التعريب ، وفريق يستمع لكل أولئك وهؤلاء ولا يكاد يفهم ما يقولون .
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.