تفسير ظاهرة تدوين التاريخ الجديد في فرنسا

تفسير ظاهرة تدوين التاريخ الجديد في فرنسا

  • يقول رواد التاريخ الجديد إن أهميته تکمن في قدرته على تقديم الأجوبة الشافية على تساؤلات الإنسان المعاصر ، الذي تتلاحق الأحداث من حوله في سرعة كبيرة يخشى معها فقدان جذوره وذاته وماضيه .. 
  • مما جعله يحصي أمجاده ، ويدون تراثه ، ويبرز مفاخره ..
  • * شمولية التاريخ الجديد:


  • إن التاريخ الجديد ، باعتماده على الشمولية وعلى المدى البعيد ، يقدم الأجوبة الصحيحة على تساؤلات الإنسان المعاصر أن يفسر التغيرات ، ويكتشف الثوابت ، ويحقق التوازن بين العناصر المادية والروحية ، الإقتصادية والاجتماعية ، مما يجعله قادراً على اقتراح البدائل دون فرضها . 
  • * موقف جاك لوجوف من الظاهرة :


  • يری أن على التاريخ الجديد أن يطور أساليب البحث في اتجاهات ثلاثة : 
  • 1_ الإتجاه الأول : يشمل كيفية التعامل مع الوثيقة التاريخية ، ذلك أن الوثيقة ليست محايدة بأي حال من الأحوال ، إذ أنها نتاج المجتمع الذي كتبت فيه ، وبالتالي ينبغي أن تقيم على هذا الأساس ، كما ينبغي محاولة استقراء التاريخ في حالة عدم وجود الوثائق .
  • 2_ الإتجاه الثاني : يقتضى إعادة النظر في تقييم الزمن التاريخي ، وذلك بالتركيز على الفاعلية والتركيز على الأسماء الرنانة .
  • 3_ الإتجاه الثالث : يقتضي وضع أسس جديدة للمقارنة تأخذ في الإعتبار الظروف الزمانية والمكانية ، فالاقطاع في أوربا مثلاً لايمكن مقارنته بالإقطاع في أفريقيا لإختلاف الظروف الزمانية والمكانية بين القارتين .
  • * تفسير ظاهرة اهتمام الفرنسيين بالتاريخ :


  • عودة إلى ظاهرة اهتمام الشعب الفرنسي بالتاريخ في تفسير الظاهرة ، يقول المؤرخ ( لوروا لادوري ) : 
  • " لقد كانت فرنسا دائماً مولعة بالتاريخ ، والسبب في ذلك أنها لم تبتل بطاغية أجبرها على فقدان الذاكرة مثلما حدث لألمانيا عندما حكمها ( هتلر ) ، وعمل على جانب من ماضيها ..
  • _ أما المؤرخ ( مارك فيرو ) ، فإنه يقول :
  • " انتشار التعليم ، أوجد الفضول ، الفرنسيون يبحثون في ماضيهم عن تفسير لحاضرهم ، ولذلك فهم مهتمون بالكتابات الجديدة في التاريخ ، والتي تحمل على التفكير ، وتبعث على التأمل ..
  • _ يقول المؤرخ ( بيير نورا ) : 
  • " شغف القراء بالمؤلفات التاريخية ، يرجع إلى براعة المؤلفين في الكتابة بأسلوب نابض بالحياة ..
  • _ يقول المؤرخ ( بيير جوبير ) : الإهتمام بالتاريخ ، يمثل عودة إلى ينابيع الأصالة تخلصآ من كل وصاية وبحثآ عن الحقيقة . 
  • _ ويقول المؤرخ ( بول فاین ) : 
  • " لم يعد التاريخ أفیونآ يخدر الناس ، ويدغدغ مشاعرهم ، لقد أخذ يحطم المسلمات الخاطئة ، ويكشف الوقائع وإن كانت بشعة .
  • * أول كاتب تاريخي فذ :


  • هذا التاريخ الجديد الذي يفخر الفرنسيون بولادته في بلادهم قبل نصف قرن من الزمان ، تحدث عنه عبد الرحمن ابن خلدون منذ القرن الرابع عشر الميلادي في مقدمته الشهيرة ، لقد جعل البحث التاريخي يخرج من اتجاهه الذاتي ، النظري ، ليلتزم بالموضوعية وبالنقد التاريخي ، فكان أول من درس الأحداث البشرية من جانبيها التاريخي والمجتمعي في آن واحد .. 
  • ثم أنه أول من جعل الأحداث المجتمعية موضوعات للدرس کما لو كانت من الظواهر الطبيعية . 
  • * اعتراف مؤرخين فرنسيين بابن خلدون :


  • إن المؤرخين الفرنسيين ، وعلى رأسهم ( إيف لاكوس ) ، يعترفون اليوم بأن ابن خلدون هو الذي جعل من التاريخ علمآ بعد أن كان سردآ ، لكنه أيضاً هو الذي أسس ما يطلق عليه اليوم في فرنسا ( التاريخ الجديد ) ، إذ درس المجتمعات المغربية في حياتها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية ، لاستخلاص العبر الكفيلة بإحداث نهضة شاملة تعتمد على قيم الحضارة العربية الإسلامية . 
  • وفي الختام: من حق الفرنسيين أن يفخروا بمؤرخيهم ، وأن يشيدوا بالتاريخ الجديد ، وأن يتهافتوا على مجلاته وكتبه .. لكنه أيضاً من حق العرب - ومن واجبهم - أن يفخروا من كان له فضل السبق بستة قرون ، وبما لا يدع مجالاً للشك في صحة نظرياته ، ودقة ملاحظاته ، وكلما تبحرت الانغسانية في العلوم بفضل التقدم ، ازدادت البراهين على أن الحضارة العربية الإسلامية زاخرة بالمؤلفات التي تنير دروب التقدم وتمهد سبل الخير .
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.