مثال على الشورى وإلزامها في الأمر العام

مثال على الشورى وإلزامها في الأمر العام

  • أولاً : تعرف الشورى:


  • اصطلاحاً : طلب الرأي من أهله، وإجالة النظر فيه، وصولاً إلى الرأي الموافق للصواب.
  • وقد عرفها الباحثون بتعاريف عدة ..
  • _ تعريف الدكتور محمد عبدالقادر أبو فارس، إذ يقول: 
  • الشورى: تعني تقليب الآراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة في قضية من القضايا واختبارها من أصحاب العقول والأفهام حتى يتوصل إلى الصواب منها أو إلى أصوبها وأحسنها ليعمل به لكي تتحقق أحسن النتائج.
  • _ أما الشيخ أحمد محيي الدين العجوز -فعرفها بقوله:
  • الشورى: هي تبادل الآراء في أمر من الأمور لمعرفة أصوبها وأصلحها لأجل اعتماده والعمل به.
  • ثانياً : صور الشورى في الإسلام زمن الرسول الكريم :


  • _ إن أول تجربة تعرضت لها الشورى في صورة جماعية كانت على مبلغ علمي في غزوة بدر ..
  • فقد وقف النبي ﷺ في هذا اليوم خطيباً بين المسلمين ، يطلب مشورتهم ، فقال المهاجرون : امضي ما أمرك الله .. 
  • ولكنه لم يكتفي بموافقة المهاجرين ، فطلب رأي الأنصار ، فقام سعد بن معاذ سيد الأنصار وخطب في الجمع مؤيداً دعوة القتال ، فلم يتخذ صلى الله عليه وسلم قراره بالحرب إلا بعد موافقة الجميع من المهاجرين والأنصار .
  • _ وفي غزوة أحد ، عزمت قريس ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة ،على حرب المسلمين ، فلما سمع بهم الرسول استشار أصحابه ، فقالوا : يارسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا ، لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا ، ولم يزل الناس به ، حتى دخل بيته ولبس درعه ، فلما خرج عليهم ، ندم الناس وقالوا : استكرهنا رسول الله ولم يكن لنا ذلك ، وعرضوا عليه أن يرجع ..
  • فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل ..
  • وخرج عليه الصلاة والسلام في ألف من صحابته .
  • ثالثاً : موضع المشاورة في الإسلام :


  • نلاحظ أن المشاورة كانت في أمر عام يشمل المسلمين في مجموعهم ، وليس أمر يخص فرداً أو مجموعة قليلة من الناس ..
  • ففي حادثه الإفك استشار صلى الله عليه وسلم ، علي بن أبي طالب و أسامة بن زيد في أمر عائشة رضي الله عنها ، فأشار عليه علي بفراقها ، وقد خالف الرسول المشورة.. ومجال الشورى هنا ، أمر يخص رسول الله ﷺ ، يتعلق بحياته داخل بيته وبين أهله .
  • رابعاً : فهم حقيقة الأمر أساس صحة الشورى :


  • _ موقف حصل في زمن أبي بكر :
  • استشار يوماً المسلمين في قتال أهل الردة ، الذين توقفوا عن دفع الزكاة ، ورأى أكثر الصحابة ألا يقاتلوهم ، استناد لقول الرسول عليه الصلاة والسلام :( أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يقولوا لا اله إلا الله ) ، وهم يقولونها ، فأصر أبوبكر على رأيه ، الذي عارض به الأغلبية ، قائلاً ؛ ألم يقل إلا بحقها ؟ ، والله لو منعوني عقالآ كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه .
  • وقاتلهم أبا بكر وانتصر للرسول والمؤمنين ..
  • والنظرة العجلى ، ترى في تصرف أبا بكر نقضآ لسنه الرسول ﷺ ، في العمل برأي الأغلبية ، على نحو ما بينا..
  •  ولا تناقض ولا اختلاف في حقيقة الأمر ، إن أبا بكر نفذ حكم الرسول كما فهم الحديث الشريف ، وإذا علمنا أن القاعدة الشرعية تقول : ( إن المجتهد المستجمع لصفات المجتهدين ، العالم بوسائل الإجتهاد ، يجب عليه أن يعمل بما أداه إليه اجتهاده ، وإن خالف الأغلبية ) .
  • علمنا أن موقف الصديق لا غرابة فيه ولا شذوذ ولا شك أن أبا بكر قمة المجتهدين أجمعين .
  • _ موقف حدث في زمن عمر بن الخطاب :
  • خالف عمر رؤية أصحابه في أن تقسم أرض السواد بالعراق العراق على المقاتلة ، كما قسم رسول الله عليه الصلاة والسلام أرض خيبر على أصحابه ، وأصر على أن تظل ملك لبيت مال المسلمين تدر عليهم خراجآ سنويا ، يقتسمونه فيما بينهم ، ثم يبقى للأجيال من بعدهم ، ودلل على رأيه بآيات من سورة الحشر ، فهمها على نحو خالفه أغلب المسلمين ، ولكنه تمسك بفهمه هذا كما فعل سلفه أبو بكر ..
  • وعلى العكس من ذلك موقف عمر رضي الله عنه يوماً أعلن للناس عن رغبته في الحد من المبالغة في المهور ، إن رجوع عمر عن رغبته إلى رأي المرأة التي عارضته ، ليس مرده إلى عدم موافقة من يهمه الأمر ، وهم النساء ، وإنما الذي حكم الموقف ، وحسم النزاع ، نص صريح من كتاب الله في هذا الخصوص ، فقد اعتمدت المرأة في رفضها لرؤية عمر ، على قوله تعالى ى ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارآ فلا تأخذوا منه شيئاً ) .
  • ولذلك كان رد عمر : أصابت المرأة وأخطأ عمر ، ولم يقل إن الأمر إليكن ، فاخترن مايحلو لكن ، ويحقق مصلحتكن ..
  • والسهو والنسيان من طبيعة البشر ، فليس غريباً أن
  • يسهو عمر عن آية ، وتذكره بها إمرأة .
  • خامساً : قواعد الشورى :


  • 1_ الشورى واجبة على ولي الأمر ، ونتيجتها ملزمة له ، إذا كان الأمر يتعلق بالمصالح العامة للأمة ، وليس هنالك نص من كتاب أو سنة أو إجماع المسلمين يحكم الواقعة في جلاء ووضوح .
  • 2_ الشورى واجبه على ولي الأمر ، ونتيجتها غير ملزمة له إذا كان هناك نص يحكم الواقعة ، ولكن الآراء حوله تختلف ، و رأي الإمام يخالف رأي الأغلبية .
  • 3_ المسلمون جميعاً مطالبون بأن تكون الشورى دستور حياتهم ، على سبيل الوجوب والالزام ، في الأمور العامة ، و على سبيل الندب والإستحباب في المسائل الخاصة .
  • ولا شك في أن عصرنا يختلف كثيراً عن عصر الإسلام الأول ، في كل مجالات الحياة ، ومع ذلك فالإسلام بما يمتاز به من مرونة وطواعية ، يمكن أن يحكم حياتنا في يسر وسهولة ، إذا خلصت النوايا وصحة العزائم ..
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.