أسماء الله الأول، الآخر، الظاهر، الباطن

أسماء الله   الأول، الآخر، الظاهر، الباطن

  • -بسم الله الرحمن الرحيم: ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) سورة الحديد 3
  • - يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن نفسه بأنه ليس قبله شيء وليس بعده شيء ، واليوم نتحدث في موقعنا ، مثال، عن تفسير معاني أربع من  أسماء الله الحسنى؛ الأول ، الآخر، الظاهر، الباطن.
  • - وقد كان من دعاء النبي ﷺ ما يفسر هذه الأسماء الأربع بقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ) رواه مسلم (2713) .
  • - وربما لن يمكننا أن نُفرِد كل اسم من هذه الأسماء الكريمة على حدا فهي مجتمعة معانيها ولو افترقت.
  • - وقد قال الشوكاني رحمه الله :
  • - " هُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَالْآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، أَيِ: الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ ، وَالظَّاهِرُ الْعَالِي الْغَالِبُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، أَوِ الظَّاهِرُ وَجُودُهُ بِالْأَدِلَّةِ الْوَاضِحَةِ، وَالْباطِنُ أَيِ: الْعَالِمُ بِمَا بَطَنَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يُبْطِنُ أَمْرَ فُلَانٍ، أَيْ: يَعْلَمُ دَاخِلَةَ أَمْرِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْمُحْتَجِبُ عَنِ الْأَبْصَارِ وَالْعُقُولِ، وَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ الْأَرْبَعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَى ذَلِكَ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ " .
  • - الأول:
  • - سبحانه الأول ،وقد قال ابن فارس في مقاييس اللغة :
  • - (أَوَلَ) الْهَمْزَةُ وَالْوَاوُ وَاللَّامُ أَصْلَانِ: ابْتِدَاءُ الْأَمْرِ وَانْتِهَاؤُهُ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، وَهُوَ مُبْتَدَأُ الشَّيْءِ،"،أيضاً : أَيْ: قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ.
  • - قال ابن القيم رحمه الله: "فأوليَّة الله عز وجل سابقة على أوليَّةِ كل ما سواه، وآخريَّتُه ثابتةٌ بعد آخرِيَّة كل ما سواه، فأوليَّتُه سَبْقُه لكل شيء، وآخريَّتُه بقاؤه بعد كل شيء".
  • - إذن فإن الله سبحانه وتعالى ابتدأ الأمور كلها قبل الخلق وقبل أن يوجدهم وقبل أن يُوجِد كل شيء، وهو الأول في الرحمة والمغفرة ، الأول في الإحسان والكرم ، والأول في العظمة والكبرياء ، لا معبود بحقٍ إلا هو ، له كمال السمع والطاعة .
  • - وهو الأول كما قال السعدي رحمه لله في تفسيره :فالأول: يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى.
  • - وروى البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم سأله أهل اليمن ، فقالوا: جئناكَ لِنتفقَّهَ في الدين، ولِنسألكَ عن أوَّل هذا الأمر ما كان، أجابهم النبي ﷺ بفقه اسم الله "الأول"، فقال لهم: ((كان الله ولَمْ يكُنْ شيءٌ قبله (وفي رواية: ولم يكنْ شيءٌ معه)، وكان عرْشُه على الماء، ثمَّ خلق السماوات والأرض، وكتب في الذِّكْر كلَّ شيءٍ)).
  • - الآخر:
  • - والآخر هو: مقابل الأول.
  • - ويذكر السعدي رحمه الله اسم الله الآخر فيقول : يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتأهلها، ورغبتها، ورهبتها، وجميع مطالبها.
  • - وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ جعل الهُمومَ هَمًّا واحدًا: هَمَّ الْمَعادِ (أي: الرجوع إلى الله الآخِر)، كفاهُ الله هَمَّ دُنْياه، ومن تشعَّبتْ به الهُمومُ في أحوال الدنيا، لم يُبالِ اللهُ في أيِّ أوْدِيتِها هَلَكَ))؛ صحيح سنن ابن ماجه.
  • - الظاهر:
  • - (ظَهَرَ) الظَّاءُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ وَبُرُوزٍ. مِنْ ذَلِكَ: ظَهَرَ الشَّيْءُ يَظْهَرُ ظُهُورًا فَهُوَ ظَاهِرٌ، إِذَا انْكَشَفَ وَبَرَزَ. وَلِذَلِكَ سُمِّيَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالظَّهِيرَةِ، وَهُوَ أَظْهَرُ أَوْقَاتِ النَّهَارِ وَأَضْوَؤُهَا. 
  • - وَالظَّهِيرُ: الْمُعِينُ، كَأَنَّهُ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى ظَهْرِكَ. وَالظُّهُورُ: الْغَلَبَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: 14] .
  • - إذن فكما هو واضح من خلال ذكر اسم الله الظاهر وكما قال السعدي رحمه الله :"يدلُّ على عظمةِ صفاته واضمحلال كل شيءٍ عند عظمته من ذوات وصفات علوِّه"
  • - أي أن الله ظاهر على كل خلقه
  • - والشمس تظهر في السماء على جميع النجوم إما لقربها أو لصفات القوة الظاهرة على غيرها من النجوم، والله سبحانه وتعالى ظاهر في قلوبنا وبين جوانب روحنا ،إليه ترجع كل الأمور.
  • - والله الظَّاهِر هُوَ الَّذِي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته هَذَا إِن أَخَذته من الظُّهُور وَإِن أَخَذته من قَول الْعَرَب ظهر فلَان فَوق السطح إِذا علا وَمن قَول الشَّاعِر
  • - (وَتلك شكاة ظَاهر عَنْك عارها ... ) فَهُوَ من الْعُلُوّ وَالله تَعَالَى عَال على كل شَيْء وَلَيْسَ المُرَاد بالعلو ارْتِفَاع الْمحل لِأَن الله تَعَالَى يجل عَن الْمحل وَالْمَكَان وَإِنَّمَا الْعُلُوّ علو الشَّأْن وارتفاع السُّلْطَان ويؤكد الْوَجْه الآخر قَوْله ﷺ فِي دُعَائِهِ (أَنْت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء) الزجاج انتهى.
  • - الباطن:
  • - (بَطَنَ) الْبَاءُ وَالطَّاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ لَا يَكَادُ يُخْلِفُ، وَهُوَ إِنْسِيُّ الشَّيْءِ وَالْمُقْبِلُ مِنْهُ. فَالْبَطْنُ خِلَافُ الظَّهْرِ.
  • -  وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْبَاطِنُ; لِأَنَّهُ بَطَنَ الْأَشْيَاءَ خُبْرًا. تَقُولُ: بَطَنْتُ هَذَا الْأَمْرَ: إِذَا عَرَفْتَ بَاطِنَهُ.
  • - وهذا يعني اطلاعه على السرائر والضمائر والخبايا والخفايا ، ودقائق الأشياء و يدلُّ أيضاً على كمال قربه ودنوِّه
  • - والله سبحانه وتعالى يوصينا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) ( 118 ) 
  • - أي لا تتخذوا من غيركم أُناساً يعرفون بواطن وخفايا أموركم 
  • - والبطانة تكون في الداخل ، تطلع على جميع أحوالكم.
  • - ملخص الفائدة في معرفة أسماء الله :
  • - الأوَّل ، الآخر، الظاهر، الباطن
  • 1-تعظيم الله سبحانه وتعالى وجعله من وراء القصد في أمورنا كلها، قال ابن القيم رحمه الله: "تعبَّدْ له باسمه "الآخِر"، بأن تجعلَه وحدَه غايتَك التي لا غاية لك سواه، ولا مطلوب لك وراءه...، فإن إلى ربك المنتهى".
  • 2-الله سبحانهه وتعالى هو الأول والآخر ، كما بدأ خلقنا ،هو قادر على إعادتنا قال تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: 104]
  • أيضاً يقول سبحانه وتعالى في إعادة النشأة وهي أهون عليه :﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم: 27].
  • 3-الله سبحانه وتعالى يعلم ما في باطننا، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد ويقول ابن جرير : و(الباطن) يقول: وهو الباطن لجميع الأشياء فلا شيء أقرب إلى شيء منه، كما قال: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } [ق: 16] .
  • 4-لا يغترُّ المؤمن  بالأسبابه المادية ومؤهلاته ، لأنها مِن الله، مستمدة مِن أوليته، فانية بآخريته؛ يقول ابن القيم رحمه الله: "وعبوديته باسمه الآخِر تقتضي عدم ركونه ووثوقه بالأسباب، والوقوف معها، فإنها تنعدم لا محالة، وتنقضي بالآخرية، ويبقى الدائم الباقي بعدها".
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.