قصة موسى والخضر في القرآن الكريم

قصة موسى والخضر في القرآن الكريم

  • وقف موسى عليه السلام خطيباً في بني إسرائيل ، مذكراً لهم بأيام الله ففاضت العيون ، ورقت القلوب . ولما انتهى من قوله سأله رجل ، وقال : 
  • " هل في الأرض من هو أعلم منك ؟ " ، فقال له موسى : لا ، أليس هو كبير أنبياء بني إسرائيل وقاهر فرعون ! أوليس هو صاحب اليد والعصا ، وبعصاه انفلق البحر ! ، فالعالم الأول على هذه الأرض باعتقاد موسى بأنه هو ، ومن هذا الاعتقاد تبدأ قصتنا ، تابعونا .
  • - الرجل الاعلم من موسى في قصة موسى والخضر :


  • بعد جواب موسى للرجل ، أوحى الله إليه أن العلم أعظم من أن يحويه رجل ، أو ينفرد به رسول ، وأن في الأرض من خصه الله بعلم أوفر من علمه ، قال موسى : " يارب ، أين مكانه لعلي ألقاه ، فأصيب قبساً من علمه " ، قال الله تعالى :" تجده بمجمع البحرين " ، قال موسى : 
  • " اجعل لي علامة يدلني عليه ، وآية ترشدني إليه " . قال الله تعالى :" آية ذلك أن تأخذ حوتاً في مكتل فحيث فقدت الحوت فقد وجدت الرجل " . 
  • ( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا )[ الكهف : 60 ] .
  • فأخذ موسى للأمر عدته ، واصطحب فتاه ، وحمله المكتل ، ووضع الحوت فيه وظل سائراً ، وأخذ على نفسه عهداً أنه سيظل مجداً في السير حتى يبلغ هذا المكان ، ولو مضت عليه الأيام ، ثم آذن الفتى أن يخبره إذا فقد الحوت .
  • - التقاء موسى بالخضر في قصة موسى والخضر :


  • لما بلغ موسى وفتاه مجمع البحرين ، في المكان الذي أراد الله أن يلتقي فيه نبي بني إسرائيل بعبده الصالح ، أخذت موسى سنة فنام ، وفي أثناء نومه أمطرت السماء ، فابتل الحوت وانتفض ، وسرت إليه الحياة ، ثم قفز إلى الماء ، واستيقظ موسى - عليه السلام - ونادى فتاه : هيا نواصل السير ، وأنسى الشيطان الفتى ما كان من أمر الحوت :( فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا )[ الكهف : 61 ] .
  • وتابعا المسير إلى أن أدركهما التعب وأحسا الجوع ، فقال موسى لفتاه :( آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا )[ الكهف : 62 ] .
  • ولما هم أن يأخذ الغداء من المكتل تذكر ما كان من أمر الحوت وذهابه في الماء ، فقال :( أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)
  • وحينئذ لاحت لموسى شارة الظفر ، فقال :( ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا ) 
  • ولما وصلا إلى حيث فقدا الحوت وجدا رجلا نحيل الجسم ، غائر العينين ، فسلم عليه موسى وقال : هل تأذن أيها العبد الصالح أن تفيض علي من علمك ؟ ، قال له الخضر :" إنك لن تستطيع معي صبراً " ، ولو أنك صحبتني فإنك سترى ظواهر عجيبة ، وسوف لن تسكت عن الاعتراض ، وكيف تصبر على ماليس مألوفك ! ، فقال له موسى :( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا )[ الكهف : 69 ] .
  • قال الخضر :إن صحبتني آخذ عليك عهداً وشرطاً ، أن تأخذ عدتك من الحزم والصبر ، فلا تبتدرني بسؤال ، ولا تثر أمامي أي اعتراض ، حتى ينقضي الشرط وتنتهي الرحلة ، وإني بعدها سأتي على مافي نفسك ، فقبل موسى الشرط .
  • - غرائب أفعال الخضر في قصة موسى والخضر :


  • 1 - خرق السفينة :

  • سار موسى والخضر على الساحل ، حتى لمحا سفينة في البحر ، فطلبا من أهلها حملهما إلى حيث يذهبون ، فحملوهما من غير أجرة وبالغوا في إكرامهما ، وبينما هما في السفينة ، وعلى حين غفلة من أهلها ، أخذ الخضر لوحين من خشب السفينة فخلعهما :( فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ ) 
  • فهال موسى أن يقابل صنيعهم بالإساءة ، وصاح :( قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا )[ الكهف : 71 ] .
  • فالتفت الخضر إليه ، وقال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرآ ، وحينئذ أدرك موسى ما وقع فيه من خطأ ، فاعتذر إليه واستغفره من نسيانه ، وقال : " لاتؤاخذني بما نسيت " .
  • 2 - قتل الغلام :

  • ( فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ )
  • غادر موسى والخضر السفينة ، فوجدا غلاماً يلعب مع أقرانه ، فأخذه الخضر بعيداً ثم أضجعه وقتله ! ففزع موسى من هذا القتل ، فصلح وقال : ( أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا )[ الكهف : 74 ] . 
  • فالتفت إليه الخضر قائلاً : ( أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا )[ الكهف : 75 ] . 
  • وهنا استحيا موسى ، وأدرك أنه قد أثقل على هذا العبد الصالح ، وخشي إن تمادى أن يقع منه على كراهية ، فاتخذ لنفسه شرطاً ، ألا يعجل بسؤال بعد الآن ، وإلا فإن رفيقه في حل من مفارقته :( قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا )[ الكهف : 76 ] . 
  • 3 - بناء الجدار :

  • وانطلقا على هذا الشرط حتى أدركهما الطوئ ، ونال منهما النصب والكلال ، وصادفا قرية في طريقهما ، فدخلاها طمعاً في زاد يعينهما على السير ، ولكن أهلها أبوا أن يضيفوهما ، وردوهما رداً غير جميل ، وقبل أن يجاوزا القرية وجدا جداراً يتداعى للسقوط ، فأقامه الخضر ، وأصلح من شأنه :( فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ )
  • فقال موسى : " عجباً ، أتجازي هؤلاء القوم اللؤماء الذين أساءوا اللقاء ، بهذا الإحسان ! "لو شئت لاتخذت على عملك هذا أجراً نسد به حاجتنا قال الخضر :( هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا )[ الكهف : 78 ] .
  • - تفسير الخضر لأفعاله العجيبة في قصة موسى والخضر :


  • 1 - تفسير خرق السفينة : 

  • قال الخضر :" إن السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ، فيصيبون منها رزقاً ، يعينهم على الكسب ، ولكن ملكاً ظالماً كان يتبع كل سفينة صالحة ، يأخذها من أهلها عنوة ، فأردت أن أعيبها ، رفقاً بهم ورحمة لهم ، حتى إذا شهدها ملكهم تركها لعيبها ، فهذا عمل إن كان في ظاهره الفساد ففي باطنه الرحمة ، إنما هو حفظ للمساكين وإبقاء على حياة هؤلاء البائسين " . 
  • ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا )[ الكهف : 79 ] .
  • 2 - تفسير قتل الغلام :

  • أما الغلام فكان وقاحاً مبغضاً من الناس ، وكان أبواه مؤمنين ، وبما فطر الله الآباء على حب الأبناء ، خشيت أن يحملهما هذا على التعصب له ، فينتهيا إلى الطغيان والكفر ، فقتلته حفظاً لدينهما ، ورجاء من الله أن يرزقهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً :( وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴿80﴾ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا )[ الكهف : 80 ] .
  •  3 - تفسير بناء الجدار :

  • أما الجدار فقد علمت من الله أن تحته كنزاً ليتيمين صغيرين ، تحدرا من رجل صالح كريم ، فأردت أن أحمي هذا الجدار ، حتى يشتد أزرهما ، فيستخرجا كنزهما ، مالاً حلالاً طيباً لهما :( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۚ )
  • وما فعلت هذه الأمور الغريبة ظاهرها بعلمي ولا برأيي ، ولكنه وحي من الله ، وهدئ منه : ( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا )[ الكهف : 82 ] .
  • قدمنا لكم لمحة مختصرة عن قصة موسى والخضر ، تحدثنا عن القصة كما جاء تفسيرها في القرآن الكريم .
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.