تفسير قوله تعالى قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا

تفسير قوله تعالى قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا

  •  
  • - نتعرف في هذا المقال على معنى الآية الكريمة (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) الواردة في سورة الكهف ؛ ورقمها ( 103 ) ومن هم المقصودون بالأخسرين أعمالا وما تفسير هذه الآية؟
  • - تفسير الإمام القرطبي : 

  • - قال الإمام القرطبي في تفسيره : " قوله تعالى: { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً } ـ الآية ـ فيه دلالة على أن من الناس من يعمل العمل وهو يظن أنه محسن وقد حبط سعيه، والذي يوجب إحباط السعي إما فساد الاعتقاد أو المراءاة، والمراد هنا الكفر.
  • - روى البخاري عن مصعب قال: سألت أبي «قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً» أهم الحَرُوريّة؟ قال: لا هم اليهود والنصارى. أما اليهود فكذبّوا محمداً صلى الله عليه وسلم، وأما النصارى فكفروا بالجنة، فقالوا: لا طعام فيها ولا شراب والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه وكان سعد يسميهم الفاسقين.
  • - والآية معناها التوبيخ أي قل لهؤلاء الكفرة الذين عبدوا غيري: يخيب سعيهم وآمالهم غداً فهم الأخسرون أعمالاً، وهم { ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } في عبادة من سواي. قال ابن عباس: يريد كفار أهل مكة. وقال عليّ: هم الخوارج أهل حروراء. وقال مَرَّة: هم الرهبان أصحاب الصوامع.
  • - وروي أن ابن الكواء سأله عن الأخسرين أعمالاً فقال له: أنت وأصحابك. قال ابن عطية: ويضعف هذا كله قوله تعالى بعد ذلك: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } وليس من هذه الطوائف من يكفر بالله ولقائه والبعث والنشور، وإنما هذه صفة مشركي مكة عبدة الأوثان وعليّ وسعد رضي الله عنهما ذكرا أقواماً أخذوا بحظهم من هذه الآية.
  •  
  • - تفسير الإمام ابن كثير : 

  • - " قال تعالى في هذه الآية الكريمة { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم } أي نخبركم { بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلاً } ثم فسرهم، فقال { ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } أي عملوا أعمالاً باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } أي يعتقدون أنهم على شيء، وأنهم مقبولون محبوبون.
  • - وقوله { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَـٰتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } أي جحدوا آيات الله في الدنيا، وبراهينه التي أقام على وحدانيته وصدق رسله، وكذبوا بالدار الآخرة { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَزْناً } أي لا نثقل موازينهم لأنها خالية عن الخير. قال البخاري حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا المغيرة، حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة " وقال اقرؤوا إن شئتم { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَزْناً }." 
  •  
  • - تفسير الإمام السعدي : 

  • - أي: قل يا محمد، للناس - على وجه التحذير والإنذار -: هل أخبركم بأخسر الناس أعمالاً على الإطلاق؟ { ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي: بطل واضمحل كل ما عملوه من عمل، يحسبون أنهم محسنون في صنعه، فكيف بأعمالهم التي يعلمون أنها باطلة، وأنها محادة لله ورسله ومعاداة؟! فمن هم هؤلاء الذين خسرت أعمالهم، فـ{ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } [الزمر: 15].
  • - { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } أي: جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية، الدالة على وجوب الإيمان به وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر. { فَحَبِطَتْ } بسبب ذلك { أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } لأن الوزن فائدته، مقابلة الحسنات بالسيئات، والنظر في الراجح منها والمرجوح، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها، وهو الإيمان، كما قال تعالى:{ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } [طه: 112] لكن تعد أعمالهم وتحصى، ويقررون بها، ويخزون بها على رؤوس الأشهاد، ثم يعذبون عليها، ولهذا قال: { ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ } أي: حبوط أعمالهم، وأنه لا يقام لهم يوم القيامة، { وَزْناً } لحقارتهم وخستهم، بكفرهم بآيات الله، واتخاذهم آياته ورسله، هزواً يستهزئون بها، ويسخرون منها، مع أن الواجب في آيات الله ورسله، الإيمان التام بها، والتعظيم لها، والقيام بها أتم القيام، وهؤلاء عكسوا القضية، فانعكس أمرهم، وتعسوا، وانتكسوا في العذاب. ولما بين مآل الكافرين وأعمالهم، بيَّن أعمال المؤمنين ومآلهم فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ... }.
  •  
  • - تفسير في ظلال القرآن : 

  • - ثم تختم السورة بالإيقاعات الأخيرة ، تلخص خطوطها الكثيرة ، وتجمع إيقاعاتها المتفرقة : 
  • - فأما الإيقاع الأول فهو الإيقاع حول القيم والموازين كما هي في عرف الضالين ، وكما هي على وجه اليقين . . قيم الأعمال وقيم الأشخاص . . 
  • - ( قل : هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ? أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) . 
  • - ( قل : هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ) الذين لا يوجد من هم أشد منهم خسرانا ?
  • - ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ) فلم يؤد بهم إلى الهدى ، ولم ينته بهم إلى ثمرة أو غاية : ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) لأنهم من الغفلة بحيث لا يشعرون بضلال سعيهم وذهابه سدى ، فهم ماضون في هذا السعي الخائب الضال ، ينفقون حياتهم فيه هدرا . . 
  • - قل هل ننبئكم من هم هؤلاء ?
  • - وعندما يبلغ من استتارة التطلع والانتظار إلى هذا الحد يكشف عنهم فإذا هم : 
  • - ( أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم ) . . 
  • - وأصل الحبوط هو انتفاخ بطن الدابة حين تتغذى بنوع سام من الكلأ ثم تلقى حتفها . . وهو أنسب شيء لوصف الأعمال . . إنها تنتفخ وأصحابها يظنونها صالحة ناجحة رابحة . . ثم تنتهي إلى البوار ! 
  • - ( أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم ) ؛ ( فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ).
  • - فهم مهملون ، لا قيمة لهم ولا وزن في ميزان القيم الصحيحة ( يوم القيامة ).
  • https://al-maktaba.org/book/32203/503
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.