مثال على الطب الصيني تطوره ونظرياته

مثال على الطب الصيني تطوره ونظرياته

  • الطب الصيني

  • تعد أصول الطب التقليدي الصيني متناهية في القدم، فقد كان الإنسان البدائي الصيني يعتقد بأن جسم الإنسان مسكون من قبل نوعين من الجن :
  •  أحدهما نافع والثاني ضار، وأن الألم والأمراض التي تصيب الإنسان من عمل الجني الضار الذي لاسبيل لمكافحته إلا بالوخز بالأشواك ..
  • ومع مرور الزمن استعاض الإنسان عن الأشواك النباتية بأدوات حجرية حادة الرؤوس تشبه المخرز وسيلة لمعالجة الأمراض وتسكين الألم.
  •  ولم يكتشف التأثير غير المباشر لهذا الوخز إلا فيما بعد، نتيجة للملاحظات الدقيقة المتراكمة خلال قرون عديدة أدت في النهاية إلى اكتشاف فائدة المعالجة بالوخز بالإبر. ولكن هذه الملاحظات لم تنتقل بين الأجيال إلا مشافهة ...
  • وبعد قرن من الزمن أضيف إلى الوخز بالإبر تقانات جديدة مثل :
  •  الحمية والمعالجة الفيزيائية والتمسيد وحفظ الصحة .
  • تطور الطب الصيني وتعليمه :

  • ظهرت موسوعة طبية إمبراطورية . وفي عام 1070م تأسست في بكين كلية لتعليم الوخز، وفي الوقت نفسه صنع أحد الفنانين تمثالاً نحاسياً بحجم الإنسان الطبيعي وسيلة تعليمية، نقشت على سطحه جميع نقط الوخز وعددها ثلاثمئة وسبعون، وسرعان ما ظهرت نسخ مجوفة لهذا التمثال يمكن ملؤها بالماء، وكانت نقاط الوخز فيها مثقوبة تطلى بطبقة رقيقة من الشمع يؤدي ثقبها إلى خروج الماء.
  • وهكذا فقد انتظم الطب وتعليمه، وساسته قوانين أخلاقية، وقواعد مسلكية للممارسة تفرض معاقبة الطبيب الجاهل، كما ظهرت أعداد من الكتب كادت تضيع في أثناء الاكتساح المغولي للصين...
  • في هذه الحقبة ازدهر الوخز ونشط ممارسوه في الثلاثمئة سنة التالية دون أن يدخلوا عليه شيئاً جديداً. 
  • وتدل السجلات على أن أهم ما قام به الأطباء من خدمات، هو تأسيس كليات للطب وكان من نتائجها ترجمة الكتب الطبية الأوربية إلى اللغة الصينية وتخريج الأطباء على الطريقة الغربية...
  • هذا ولم تمنع هذه القوانين طبقة الفلاحين الفقراء من الاعتماد على الوخز بالإبر في مكافحة الأمراض، لأنها الوسيلة الوحيدة المتوافرة لهم.
  • النظريات الأساسية للطب التقليدي الصيني :

  • تستند المبادئ الأساسية للطب التقليدي الصيني إلى :

  • أولاً _نظرية الين يانغ :
  • تقول نظرية الين يانغ إن كل شيء في هذا الكون يتألف من عنصرين ضدين هما الين واليانغ، وهما دوماً بحالة صراع وخضوع متبادل وتعد العلاقة بينهما القانون العام للعالم المادي والمبدأ والينبوع لوجود الكائنات، وتشرح هذه النظرية التفاهم والاختلاف والإتلاف والبناء والتحويل بين الين واليانغ.
  • ويقول الصينيون بأن الين يشبه الماء ببرودته وظلمته واتجاهه نحو الأسفل، أمَّا اليانغ فإنه يشبه النار بحرارتها ولمعانها واتجاهها نحو الأعلى .
  • ثانياً _العناصر الخمسة:
  • من النظريات التي يرتكز عليها الطب التقليدي الصيني نظرية العناصر الخمسة وهي :
  •  الماء والتراب والخشب والمعدن والنار. وهي المواد التي يتألف منها العالم المادي.
  • ويعتقد الصينيون أن بين هذه العناصر ترابطاً وصلة، وتطبق هذه النظرية في الطب الصيني :
  • 1_ لتصنيف الحوادث الطبيعية في جسم الإنسان وأعضائه وأنسجته وعواطفه .
  • 2 _ لتفسير العلاقة بين ما هو فيزيولوجي وما هو باثولوجي في الوسط الداخلي الذي يخضع لقانون التفاعل والتعاون في البناء، كما يخضع لقانون التضاد بين العناصر الخمسة . 
  • ثالثاً _نظرية الظانك فو:
  •  أما تعبير «الظانك فو»، فيعني العناصر التشريحية للأعضاء الداخلية، كما يعني بالوقت نفسه الوظائف الفيزيولوجية لجسم الإنسان بصورة عامة، فالقلب والكبد والطحال والرئة والكلية والتامور تؤلف مجموعة تسمى الأعضاء «الظانك الستة»، وظيفتها الفيزيولوجية الرئيسة تصنيع المواد الأساسية واختزانها ...
  • أما الأمعاء الدقيقة والمرارة والمعدة والأمعاء الغليظة والمثانة «والصان جياو» (المحارق الثلاثة) أي: الصدر والبطن والحوض فتعرف بمجموعة الأعضاء «الفو الستة» وهي مسؤولة عن استقبال الطعام وهضمه، وتمثل المواد المغذية ونقل الفضلات وطرحها، إضافة إلى عضوين «فو» غَير عاديين هما الدماغ والرحم.
  • رابعاً _نظرية الأقنية والشعب:
  • تقول نظرية الأقنية والشعب بوجود أقنية وشعب على سطح الجسم تصل بين أعضاء «الظانك فو» الداخلية وبين أعضاء القسم السطحي من الجسم كالحواس والمفاصل وغيرها، على نحو تجعل الجسم وحدة متكاملة. تقوم هذه الأقنية والشعب بتوفير جريان القدرة الحياتية والدم وتوزيع الدفء والغذاء على النسج ووصل كامل الجسم، بحيث تكون أعضاء الظانك والفو مع الأطراف الأربعة والجلد والعضلات والأوتار والعظام مجموعة متضامنه ووحدة كاملة. وتستعمل نظرية الأقنية والشعب دليلاً لمعالجة الأمراض في مختلف الاختصاصات، وخاصة الوخز بالإبر والكي بالموكسا. وتبدأ المعالجة بالوخز بالتفتيش أولاً عن القناة المصابة أو عضو الظانك أو الفو، ثم تنتقى النقاط من منطقة الآفه ذاتها أو من المنطقة المجاورة أو البعيدة، ولكن دوماً من القناة نفسها. ولايتم الشفاء إلا عندما ينتظم دوران القدرة الحياتية والدم في الأقنية والشعب.
  • ومن أكثر ما اهتم به الطب الصيني هو :

  • النبض الصيني : 
  • النبض هو العنصر الأساسي في موضوع التشخيص، فكل مرض من الأمراض له نبض خاص، لذلك يجب على الطبيب أن يجس النبض لمعرفة حالة الأجهزة العميقة. وطقوس الفحص الطبي لاتتبدل أبداً إذ يضع المريض ساعده على وسادة وثيرة، ثم يأتي الطبيب فيجس نبضه، ويغط في تأمل عميق قد يستغرق عدة ساعات يضع في نهايتها تشخيصه، ويصف العلاج حتى دون أن يسأل المريض عن شكايته. وهنالك أكثر من مئتي نوع من النبض، ستة وعشرون منها تنذر بالموت ...
  • أما عن الفارماكولوجيا الصينية فلابد من غناها بأدوية طبية عشبية نباتية حيث أنه :
  • يستحيل الإحاطة بكل ما في الصيدلية الصينية من أدوية لكثرتها، فمنذ أقدم العصور استعمل الصينيون في طبهم كل ما يطير في الهواء ويسبح في الماء وما تنبته الأرض من أعشاب أو يعيش في باطنها، كما استعملوا كل النباتات المعروفة في أوربا، كالأكونيت وعرق السوس والكافور والراوند والقنب الهندي والأفيون للتخدير والزرنيخ في أمراض الجلد والزئبق علاجاً للإفرنجي والكبريت للجرب. 
  • وتستعمل النباتات الطبية غالباً بشكل خلاصات، ومع ذلك فإن الصينين يعرفون الشراب والحبوب والمناقيع، ويتداوون بالتمسيد والحجامة والفصادة.
  • الوخز العملي في وقتنا الحاضر :
  • تستعمل في الوقت الحاضر إبر لينة من الفولاذ الذي لايصدأ، لها مقبض يسهل المنابلة، ويختلف طول الإبرة بين سنتمتر واحد وثلاثين سنتمتراً وثخانتها تراوح بين قياس 26 و30 من قياسات الإبر العضلية. يجب تعقيم الإبر ومنطقة الوخز وأيدي من يقوم بالعمل بمحلول معقم كاليود أو الغول.
  •  ولتحديد نقاط الوخز يستعمل الصينيون وحدة اسمها تصون ، وهي المسافة بين ثنيتي السلامية الثانية من الإصبع الوسطى للمريض. 
  • فمنذ أقدم العصور اكتشف الصينيون وجود 365نقطة على سطح الجسم موزعة على اثنتي عشرة قناة مزدوجة ومتناظرة، ثم أضيف إليهما قناتان إحداهما أمامية والثانية خلفية، وإضافة إلى نقاط الأقنية توجد نقاط على سطح الأذن واليد والوجه تعرف من المنعكسات النوعية التي تحدثها في أجهزة معينة. وقد وصل عدد النقاط في العصر الحاضر إلى ما يقارب ألف نقطة.
  • تحدد النقاط لمعالم ثابتة على سطح الجسم.
  • يتم إدخال الإبرة في نقطة الوخز ، ويمكن أن تتجه هذه الإبرة عمودياً أو أفقياً أو باتجاه مائل ثم تفتل بسرعة وتحرك للأعلى والأسفل، وهذا ما يسمى بالمنابلة، حتى حصول ما يشبه المس الكهربائي أو الامتلاء أو الثقل أو الدفء في العمق المناسب، وتترك في مكانها بين عشرين وثلاثين دقيقة، وهو مقدار زمن جلسة الوخز، ويحتاج المريض عادة من عشر جلسات إلى عشرين جلسة بفاصل يوم أو يومين ولايجوز معاودة الوخز قبل مرور عدة أسابيع.
  • ومن الممكن تطبيق الوخز من دون إبر، إذ إن استجابة الجسم للضغط اليدوي على نقاط الوخز لاتختلف عن استجابته عند استعمال الوخز، ويجري الضغط بوساطة الإبهام أو غيره من الأصابع بشدة تحدث حساً مؤلماًً منتشراً، ولكنه مقبول من قبل المريض.
  • بعض الفوائد التي يمكن أن تجنى من المعالجة بالإبر:

  • 1 _تحسين الدوران المتناهي الصغر، وخصوصاً التوسع الوعائي للشعيرات.
  • 2 _تسكين الألم أو تخفيفه أو حدوث تخدير بسبب طرح الأندورفينات والـ ACTH وغيرها من العناصر الخليطة. 
  • 3 _استرخاء العضلات المتشنجة.
  • 4 _معالجة الحساسية في الجلد والأغشية المخاطية (الشرى).
  • 5 _خفض ارتفاع الضغط الدموي (بسبب التوسع الوعائي) وهي آلية خفض الضغط بالأدوية نفسها.
  • 6 _معالجة آلام العادة الشهرية.
  • 7 _التفريج من حالات الهمود والقلق.
  • 8 _معالجة المدمنين على المخدرات والمدخنين.
  • 9_ تحسين المناعة في حال ضعف مقاومة الأخماج المتكررة ورفع نسبة الغاماغلوبين.
  • 10 _تحسين الرؤية في حالة نقصها وتحسين السمع.
  • وهناك مجالات أخرى يكتشفها الممارسون في أثناء معالجتهم للمرضى.
  • أسباب تأثير الوخز بالإبر وآلياتها : 

  • أخذ الصينيون في تكثيف أبحاثهم الهادفة إلى كشف النقاب عن آليات تأثير الوخز والتبدلات الفيزيولوجية والحيوية الكيمياوية التي ترافقها، إذ لم يعد أطباؤهم الذين درسوا الطب على الطريقة الغربية يقتنعوا بالنظريات القديمة التي تجمع بين الفلسفة الكونفوشيوسية والعبادة الطاوية والخرافة. ففي العصر الذي دخل فيه المجهر الإلكتروني مخابرهم لم يعد الطبيب الصيني يؤمن إلا بما يرى ويلمس. وبفضل بعض الباحثين الصينيين دبت روح جديدة في مراكز البحث العلمي .
  • الطب التقليدي الصيني في العصر الحديث :
  • أصبح لهذا الطب القديم أتباع وممارسون ومدارس في أكثر بلدان العالم الغربي...
  •  ففي فرنسا وحدها يمارس الوخز بالإبر أكثر من ثلاثة آلاف طبيب...
  •  وفي ألمانيا والنمسا يعد ممارسوه بالمئات...
  • وفي روسيا توجد له مؤسسات علمية تدرسه وتُدرِّسه وتُعمِّم فوائده وتعالج به....
  •  وفي الولايات المتحدة ينتشر ويتوالى الاعتراف به اختصاصاً يمارس في عيادات الألم التي يديرها الأطباء المخدرون و المختصون بالأمراض العصبية، ويعالجون فيه شتى أنواع الآلام المعندة على المعالجات الكلاسيكية التقليدية.
  •  وقد دعت منظمة الصحة العالمية إلى دمجه مع الطب الغربي، وشجعت وموَّلت تأسيس معهد لتدريسه في سريلانكا منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وفي كل سنة تعقد عدة مؤتمرات علمية تلقى فيها مئات الدراسات والأبحاث المتعلقة بالوخز العلمي والوخز العملي.
  • ومن أواخر التقانات الجديدة التي اكتشفها الصينيون الوخز الكهربائي، وهو تنبيه لإبر الوخز بوساطة تيار كهربائي خفيف، وقد وجدت له فائدة في التخدير بوساطة الوخز بالإبر في العمليات الطويلة.
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.