حروب الإعلام

حروب الإعلام

  • عقب الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا أخذت دول العالم تعيد ترتيب أوراقها فيما يخص استراتيجيات الحروب وأدواتها الأكثر تأثيراً في العالم، لتجد ضالتها في "الإعلام" فاستعاضت عن الرصاصة بالكلمة، وعن الدبابة بطاولة الأخبار، وعن طائرات التجسس والاستطلاع بالمراسلين.
  • فعلى ما يبدو، وبعد دراسة ليست بحديثة، استطاعت دول العالم أن تدرك مبدأ "أن الأهم من أن تطلق الرصاصة هو أن تعرف إلى أين ستصوِّبها"، ومن هنا انطلقت شرارة الحروب التي تدار من وراء طاولة الأخبار وبسلاح يعتبر اليوم من أهم أسلحة الدمار أو البناء الشامل (حسب التوظيف) وهو (الإعلام)، وذلك عبر ما تبثه القنوات الإعلامية لتغذي به عقول الشعوب المتلقية، وطبعاً ليست مسألة التستر وراء الأغطية البيضاء بجديدة في استراتيجيات الحروب الباردة.
  • وبالتالي فالحرب الحقيقية إنما تبدأ من هنا، فهي ليست تلك التي عمادها البندقية, والدبابة، والـ (بي52)، و(البلاك هوك) التي تحفر القبور وتردم الأرواح، لأنه ليس هناك أسهل من أن تقتل جسداً، لكن الصعب هو أن تقتل فكراً، فقتل الجسد يعني قتل فرد، ولكن قتل الفكر يعني قتل أمة.
  • وفق منظور العالم اليوم فإن هذه الحرب أقل كلفة وأكثر تأثيراً، إذ أن كلفتها لا تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات، على عكس حرب البندقية التي تكلفها إلى جانب الملايين من الدولارات الملايين من الجنود والمئات من الأرواح. كما إنها لن تحتاج كذلك إلى اللهاث وراء البحث عن الحلفاء، فالحلفاء ببساطة سيكونوا من ذوي النفوس والعقول الضعيفة ممن سيجذبهم البريق الإعلامي.
  • الحرب اليوم، وليس هذا يخفى على أحد، إنما هي حرب إعلام لا غير!
  • إلاّ أنّ السؤال الهام والصعب الذي يفرض نفسه أمامنا الآن هو: أين خطابنا العربي من خطاب الغرب!!؟...
  • وهنا يعم الصمت، لأننا حتى الآن لا نملك اللسان الحقيقي لنخاطب، والأهم هو أننا حتى لا نملك الخطاب!!. فالأبكم قد لا يملك اللسان الذي يمكِّنه من أن يخاطب، لكن يكفي أن يكون له خطاب ليخلق لنفسه بدل اللسان مئة، فالصورة لسان، والحركة لسان وغير ذلك الكثير.
  • لكن المشكلة فينا نحن العرب وفي إعلامنا العربي بالذات، هي أننا حتى اليوم لا نملك الخطاب على الرغم من كثرة الألسن التي لا تكفُّ عن لوك كلامٍ لا يضيف إلى ليلنا إلا عواء الذئاب.
  • فالقنوات الإعلامية الغربية المؤثرة في الرأي العام، ليست سوى نتاج تقصيرنا الثقافي والإعلامي، نحن الذين لم نخجل من وصم الغرب لنا بصفة (الإرهاب) فبأي سلاح، وبأي خطاب نرد هذه الهجمة؟!
  • فمحطات الإعلام الغربية لا تتوقف عن عملها كأداة من أدوات التطبيع الثقافي والسياسي والاجتماعي المستتر وراء شعارات الحرية والديمقراطية التي جاؤوا يوهموننا بها في حين هم أنفسهم قاصرون عنها، فأي ديمقراطية هي هذه التي يأتي الواحد منهم ليلوح لنا بها!؟
  • فنحن اليوم بحاجة لصناعة محتوى إعلامي عربي مؤثر نواجه به تلك الهجمة الإعلامية الغربية الشرسة، عبر وضع الخطط والأفكار لبرامج إعلامية تبنى وفق منهجيات الاتصال المؤثر بعيداً عن التقليد الأعمى في المحتويات الإعلامية التي تطغى عليها الصبغة التجارية بعيداً عن أي هدف فكري.
  • - وأخيراً: إن كان لديك أي اقتراح أو ملاحظة أو إضافة أو تصحيح خطأ على المقال يرجى التواصل معنا عبر الإيميل التالي: Info@Methaal.com
    لا تنس عزيزي القارئ مشاركة المقال على مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة.
    ودمتم بكل خير.